يوصف بالصعود إلا الخالص، ودل عليه قوله على أثره: (قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ)] السجدة: ٩ [، أو يدبر أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض: لكل يوم من أيام الله وهو ألف سنة، كما قال: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)] الحج: ٤٧ [، (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) أى: يصير إليه، ويثبت عنده، وبكتب في صحف ملائكته كل وقٍت من أوقات هذه المدّة ما يرتفع من ذلك الأمر، ويدخل تحت الوجود إلى أن تبلغ المدة آخرها، ثم يدبر أيضا ليوٍم آخر، وهلم جرا إلى أن تقوم الساعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشاملُ، وله العزَّةُ والرحمةُ، وله التفضُّلُ عليكم حيث أنشأكُم- حيًّا عالمًا، سميعًا، بصيرًا، قادرًا، ذا دريّة- من أخسِّ الأشياءِ من طينٍ ومن ماءٍ مهينٍ.
وقوله: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ كالتَّوطئة والتَّمهيدِ؛ لقوله: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ﴾ وما اشتمل عليه من حُسْن التقدير فيه، ثمَّ قيلَ: ﴿قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ﴾ حيث لا يَصعدُ ما أمرناكُم به خالصًا كما نريدُه ونَرتَضِيه إلاَّ في مدَّةٍ متطاولةٍ، ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣]، والأمرُ على هذا الوجه، يعني المأمور به.
والعُروجُ بمعنى الصُّعودِ، مأخوذٌ من قوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠].
قوله: (أو يُدبِّرُ أمرَ الدُّنيا) عطفٌ على قوله: ((﴿الْأَمْرَ﴾ المأمورَ به)) من حيث المعنى، والأمرُ على هذا بمعنى الشَّأن، والعُروجُ بمعنى الإثباتِ والكَتْب.
قوله: (ويَثبُتُ)، أي: يُثبَت، ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٤]، أي: مُثبتون في صحيفة عَمَلهِ كما ثَبتت الكتابةُ في الرَّقِّ، قال تعالى: ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ﴾ [المجادلة: ٢٢].
قوله: (وهَلُمّ جرًّا) من الأمثال.
قال في ((المفصَّل)): معناه: تَعالَوا على هَيْنَتِكُم كما يَسْهُل عليكم، وتقول: كان ذاك عامَ كذا، وهلمَّ جرًّا إلى اليوم.


الصفحة التالية
Icon