بسبب ما عملتم من المعاصي والكبائر الموبقة.
[إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)] ١٥ - ١٧ [
(إِذا ذُكِّرُوا بِها) أى: وعظوا؛ سجدوا تواضعًا لله وخشوعًا، وشكرًا على ما رزقهم من الإسلام (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ونزهوا الله من نسبة القبائح إليه، وأثنوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقدَّرَ الواحديُّ صفة لـ ﴿يَوْمِكُمْ﴾ وتكرير ﴿فَذُوقُوا﴾ لتعلُّق معنًى زائد، والآياتُ منتظمةٌ جامعةٌ للعذابَينِ الرُّوحاني والجسمانيِّ.
وفي قوله: (بسَببِ ما عَملتُم من المعاصي والكبائر) إدخالُ أهلِ القِبْلةِ في عُموم قولِه: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾، ويرُدُّه سياقُ الآيةِ: ﴿وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾، سياقُه: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا﴾ الآيةَ، وما سيجيءُ من بيان النَّظْمِ الفائِق.
وقول المصنِّف: ((والتَّمنّي لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه تجرَّع منهم الغَصَص ومن عَداوَتِهم وضِرارهم))؛ لأنَّ مَنْ عادى رسولَ الله ﷺ لا يكون إلا مُعاندًا.
الانتصاف: مذهبُ أهلِ السُّنَة أنَّ الموجِبَ للخُلودِ الكُفرُ خاصَّةٌ، والمسألةُ سَمعيَّةٌ، وأدلتُها من الكتابِ قطعيَّةٌ.
قوله: (ونزَّهوا الله مِنْ نِسبة القَبائح) تعريضٌ بأهل السُّنة، وفسَّرهُم قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ بما يلزم منه نسبة القَبيح إليه، يقال: وهو خَلَق الكُفر في الكافر ثم أذاقَه العذابَ بسَببه، بل الآيةُ تعريضٌ بهم، بل تصريحٌ بأنَّ المؤمنَ بالآيات مَنْ إذا جاءه نَصٌّ من النُّصوصِ أذعنَ له وخضعَ لِما جاءَه من عند الله، وعَزَلَ


الصفحة التالية
Icon