ولا مطمح وراءها، ثم قال: (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) فحسم أطماع المتمنين، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا مَطْمَح وراءَها)، الأساس: طمَحتُ ببَصَري إليه، ونساءٌ طَوامِحُ إلى الرِّجال، وطَمحَ المُتكبِّر بعَينه: شَخَص بها.
قوله: (فحَسَم أطماعَ المُتمنِّين)، الانتصاف: يُشيرُ إلى أهل السُّنَّة واعتقادِهم أنَّ المؤمنَ العاصي موعودٌ بدخولِ الجنَّةِ لا بُدَّ له منها، وفاءً بوعدِ الله تعالى، وأنَّ أحدًا لا يَستحقُّ على الله شيئًا بعَمَلِه، أَخذَه من قوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
وأهل السُّنةِ -بناءً على قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَدخُلُ أحدٌ منكمُ الجنَّةَ بعملِه)). قيل: ولا أنتَ؟ قال: ((ولا أَنا، إلاَّ أن يَتغمَّدَنِي الله برحمتِه)) - يحملون الآيةَ على أنَّ المراد منها قسمةُ المنازِلِ بينهم في الجنَّة، فهي على حَسْبِ الأعمالِ، وليس بقويِّ، فإنَّ المذكورَ في الآية مجرَّدُ الدُّخولِ، والأظهرُ أنْ تُحمل على أنَّ الله لمّا وَعَد المؤمنَ الجنَّةَ- ووَعْدُه الحقُّ- صارتِ الأعمالُ بالوَعْد كالأسباب يعبَّر بها عنها تأكيدًا لصدق الوعد في النُّفوس وتَصويرِه بصُورَةِ المستحقِّ بالعمل.
وقلت: نحن وإن قلنا: إنّ الكلَّ بقضاء الله وقَدَرِه، ولكن نُئبِتُ للعبد كسبًا يُئاب به ويُعاقب، وفائدةُ ذِكْر الجزاءِ وجَعْلِه مسبَّبًا عن الأعمال التَّرغيبُ فيها.
قوله: (يقول الله تعالى: ((أعددتُ لِعبادي الصَّالحينَ))) الحديث، رواه البخاريُّ ومسلم وغيرهما عن أبي هريرةَ، والرِّواية: ((أطلعتُكم)).
النهاية: بَلْهَ زَيدٍ، أي: تَرْكَ زَيدٍ، وقوله: ((ما أطلَعْتُهم عليه))، يُحتمل أن يكون منصوبَ المحَلِّ ومجروره على التَّقديرَين، والمعنى: دَعْ ما اطَّلعَتْمُ عليه من نعيم الجنَّة وعرفتُموه من لذَّاتها.