أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)] ١٨ - ٢١ [
(كانَ مُؤْمِناً) و (كانَ فاسِقاً) محمولان على لفظ من و (لا يَسْتَوُونَ) محمول على المعنى، بدليل قوله تعالى: (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا) ونحوه قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ)] محمد: ١٦ [. و (جَنَّاتُ الْمَاوى) نوع من الجنان؛ قال الله تعالى: (وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَاوى)] النجم: ١٣ - ١٥ [، سميت بذلك لما روى عن ابن عباس رضى الله عنه قال: تأوى إليها أرواح الشهداء. وقيل: هي عن يمين العرش. وقرئ: (جنة المأوى) على التوحيد (نُزُلًا) عطاًء بأعمالهم. والنزل: عطاء النازل، ثم صار عامًّا (فَمَاواهُمُ النَّارُ) أى: ملجؤهم ومنزلهم. ويجوز أن يراد: فجنة مأواهم النار، أى: النار لهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فجنَّة مأواهم النّار)، قال صاحب ((الفرائد)): العُدولُ عن الحقيقة إلى غيرها دون الضَّرورة لا يجوز، وأي ضَرورةٍ في تقدير المضاف.
والجواب أنَّ المأوى: هو المكان الذي يَقصدُه الرَّجلُ للسّكونِ والاستراحَة أو الالتجاء.
الأساس: اللهمَّ آوِني إلى ظلِّ كَرَمِكَ وعَفوِكَ يا ربّ. وتقول: أنا أهوي إلى معاقلك هَويًّا وآوي إلى ظلالك أويًّا. وقال ابن عبّاسٍ للأنصار: بالإيواءِ والنَّصرِ، إلاَّ جَلستُمْ.
فاستعماله في النّار من التَّهكُّم، ولهذا استشهد بقوله: ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [لقمان: ٧].
ويجوز أن يكون من باب المُشاكَلَةِ؛ لأنّه لما ذَكَر في أحد الفَصلَين ﴿فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَاوَى﴾ ذَكَر في الآخَرِ ﴿فَمَاوَاهُمُ النَّارُ﴾.
وقال ابنُ الحاجب في ((الأمالي)): فإنْ قيلَ: لمَ أُعِيدَ ذِكْرُ النارِ مظهرًا ولم يستغنِ بالضَّمير لتقدُّم الذِّكرِ، الجوابُ من وجهَينِ:
أحدهما: أنَّ سياقَ الآيةِ للتَّهديد والتَّخويفِ وتعظيم الأمرِ، وفي ظاهر ذِكْر النارِ من ذلك ما ليس في الضَّمير.


الصفحة التالية
Icon