مكان جنة المأوى للمؤمنين؛ كقوله: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)] آل عمران: ٢١، التوبة: ٣٤، الانشقاق: ٢٤ [. (الْعَذابِ الْأَدْنى) عذاب الدنيا من القتل والأسر، وما محنوا به من السنة سبع سنين. وعن مجاهد رضى الله عنه: عذاب القبر. و (الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) عذاب الآخرة، أى: نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى الآخرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني: أنَّ الجملةَ الواقعةَ بعدَ القولِ حكايةٌ لما يُقال لهم يومَ القيامةِ عند إرادتِهم الخروجَ من النارِ فلا يُناسب ذلك وَضْعُ الضَّميرِ، إذْ ليس قولهم حينئذٍ مقدَّمًا عليه ذِكْرُ النارِ وإنَّما اتفق ذِكْرُ النارِ قبلَها إخبارٌ عن أحوالهم.
وفيه نظرٌ؛ لأنَّ هذا القولَ أيضًا داخلٌ في حيِّزِ الإخبارِ؛ لأنَّه عطفٌ على ﴿أُعِيدُوا﴾، وهما مرتَّبان على ﴿كُلَّمَا﴾؛ أي: كلَّما أرادوا أن يخرجوا فخرجوا أعيدوا وقيل لهم ذوقوا، فكما جاز الإضمار في المعطوف عليه فما المانع في المعطوف سوى إرادةِ المبالغةِ من موضعِ المُظْهَرِ موضعَ المَضمَر؟ على أنَّ هذا القولَ أشدُّ تسويرًا وأقطع تحسرًا عليهم من الإعادة، ومعنى الخروج بَيَّنه المصنفُ في ((سورة الحج)).
وقال صاحب ((الكَشْف)): قال هاهنا: ﴿ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾، وقال في الأخرى: ﴿عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ [سبأ: ٤٢]، فذكَّر هاهنا وأنَّث هناك، وسِرُّهُ أنه ذكَّر حملاً على العذاب دون النارِ؛ لأنَّ ((النارَ)) هاهنا لما وقع موضعَ المُضمَر، والمُضمَرُ لا يُوصف، لم يستجز إجراء ((الذي)) على المضافِ إليه دون المضافِ، وفي تلك الآية لم يَجْرِ ذِكْرُ النارِ في سياق الآية، فلم تقع النّار موقع الضَّميرِ، فوصف النار دونَ العذابِ، وكذا ذَكَره الراغبُ في ((دُرّة التنزيل)).
قوله: (﴿الْعَذَابِ الْأَدْنَى﴾: عذاب الدُّنيا مِنَ القَتْل والأَسْر) يعني: يومَ بدرٍ.


الصفحة التالية
Icon