(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أى: يتوبون عن الكفر، أو لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه، كقوله تعالى: (فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً)] السجدة: ١٢ [وسميت إرادة الرجوع رجوعًا، كما سميت إرادة القيام قياما في قوله تعالى: (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ)] المائدة: ٦ [، ويدل عليه قراءة من قرأ: (يرجعون) على البناء للمفعول. فإن قلت: من أين صح تفسير الرجوع بالتوبة؟ و (لعل) من الله إرادة، وإذا أراد الله شيئًا كان ولم يمتنع،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روينا عن مسلمٍ، عن أبيّ بن كعب: عذابُ الأدنى: مَصائبُ الدُّنيا والرُّومُ والبَطشَةُ أو الدُّخانُ.
قوله: (﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ أي: يتوبونَ عَن الكُفر) هذا إذا فُسِّرَ عَذابُ الأدنى بعذابِ الدُّنيا، وقوله: ((أو لعلَّهمُ يريدون الرُّجوعَ)) إذا فُسِّر بعذاب القبرِ.
قوله: (ويدلُّ عليه قراءةُ مَن قرأَ: ((يُرجعُون)))، وذلك أن معنى هذه القراءة، والأولى على إرادة الرُّجوعِ، يَلْتقيان في معنى ﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾؛ لأنَّ كلاًّ منهما يستدعي معنى الرُّجوعِ منهم إلى الدُّنيا بخلاف الأوَّل. نعم لو قيل: إنَّ معنى التَّرجِّي في ((لعلَّ)) راجعٌ إلى الكُفَّار لأفاد أيضًا ذلك.
قوله: (مِن أين صَحَّ تفسيرُ الرُّجوع بالتَّوبة) أي: كيف يَستقيمُ أن يفسَّرَ الرُّجوعُ بالتَّوبةِ، ولفظةُ (لعلَّ) من جهة الله محمولةٌ على الإرادةِ، وهذه الآيةُ واردةٌ في قومٍ مخصوصِينَ، وأنَّهم ماتوا على الكُفرِ، فيلزمُ تخلّفُ مرادِ الله تعالى عن إرادته.
وخلاصةُ الجوابِ أنَّ تخلّفَ مرادِ الله تعالى في أفعاله الخاصَّةِ وما يلحقُ بها من القَسْر على أفعال الغير محال، لكن في أفعال العباد إذا ثبت لهم الاختيارُ غيرُ محالٍ؛ لأنه لا يَقْدحُ في قُدرته.
الانتصاف: هذا فصلٌ رديء، وشِركٌ جَليّ لا يخفى، وجرَّه إلى ذلك تحريفُ كلمةِ


الصفحة التالية
Icon