وقيل: من لقائك موسى عليه السلام ليلة الإسراء، أو يوم القيامة. وقيل: من لقاء موسى عليه السلام الكتاب؛ أى: من تلقيه له بالرضا والقبول. وقرئ: (لما صبروا) و (لما صبروا)؛ أى: لصبرهم. وعن الحسن رضى الله عنه: صبروا عن الدنيا. وقيل: إنما جعل الله التوراة هدًى لبنى إسرائيل خاصةً، ولم يتعبد بما فيها ولد إسماعيل عليه السلام. (يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) يقضى، فيميز المحق في دينه من المبطل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: من لقائك موسى ليلةَ الإسراءِ) عطفٌ على قوله: ((﴿الْكِتَابَ﴾ للجنس والضَّميرُ في ﴿لِقَائِهِ﴾ له))، يؤيِّدُه ما روى البخاريُّ ومسلمٌ، عن ابن عبّاس، عن النَّبيِّ ﷺ قال: ((رأيتُ ليلةَ أُسريَ بي مُوسى رَجُلاً آدمَ طُوالاً جَعْدًا، كأنَّه مِن رجال شَنُوءَة)).
قوله: (وقرئ: ﴿لَمَّا صَبَرُوا﴾ و ((لِمَا صَبُرُوا)))، حمزةُ والكسائيُّ: بالتَّخفيف، والباقون: بالتشديد.
قال الزَّجَّاجُ: فإذا خُفِّفَ فالمعنى: جَعلناهم أَئمَّةً لِصبرهم، وإذا شُدِّد، فالمعنى: على المُجازاة، كأنه قيل: إنْ صبرتُم جَعلناكم أئمَّة، فلمّا صَبَروا جُعلوا أئمَّة. وقيل: إنَّ كلمةَ الظَّرفِ تُقام مقامَ التَّعليل؛ نحوَ قولك: أكرمتكَ إذا أكرمتَ زيدًا؛ لأنَّ الظَّرف يُقارن المظروفَ، كما أنَّ العِلَّة تَقُارنُ المَعلول.
قوله: (هدًى لبني إسرائيلَ خاصّةً، ولم يَتَعبَّد بما فيها ولدَ إسماعيل)، هذا التَّخصيصُ إنّما يفيدُه لامُ الاختصاص، وإيقاعُ قولِه: ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ مشبّهًا به كما مَرَّ، وعطف ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا﴾ على ﴿وَجَعَلْنَاهُ هُدًى﴾.


الصفحة التالية
Icon