قلبين؛ لأنه لا يخلو: إما أن يفعل بأحدهما مثل ما يفعل بالآخر من أفعال القلوب؛ فأحدهما فضلة غير محتاج إليها، وإما أن يفعل بهذا غير ما يفعل بدأك؛ فذلك يؤدى إلى اتصاف الجملة بكونه مريدًا كارهًا، عالمًا ظانًا، موقنًا شاكًا في حالة واحدة -لم ير أيضًا أن تكون المرأة الواحدة أمّا لرجل زوجًا له؛ لأن الأم مخدومة مخفوض لها جناح الذل، والزوجة مستخدمة متصرف فيها بالاستفراش وغيره كالمملوكة، وهما حالتان متنافيتان؛ وأن يكون الرجل الواحد دعيا لرجل وابنًا له؛ لأنّ النبوّة. أصالة في النسب وعراقة فيه، والدعوة: إلصاق عارض بالتسمية لا غير، ولا يجتمع في الشيء الواحد أن يكون أصيلًا غير أصيل، وهذا مثل ضربه الله في زيد بن حارثة، وهو رجل من كلب سبى صغيرًا، وكانت العرب في جاهليتها يتغاورون ويتسابون، فاشتراه حكيم بن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (في زيدِ بنِ حارثة)، وهو رجلٌ مِن كَلْب، ذَكر ابنُ عبدِ البَرِّ في ((الاستيعاب)): هو زيدُ بنُ حارثةَ بنِ شُراحيل بن كعبِ بن عبدِ العُزّي بن زيدِ بن أسدِ بن عبدِ القيْس بن عابدِ بن النعمانِ بن عَبْدِ بن وُدّ بن امرئِ القيس بن النعمانِ بن عُمَرَ بن عبدٍ بن عوف بن كِنانة بن بكرِ بن عُذْرَةَ بن زيدِ بن اللاتِ بنُ رُفيْدَة بن ثَوْر بن كَلْب بن وَبْرةَ. قد أصابه سَبْيٌ في الجاهليةِ فاشتراهُ حَكيمُ بنُ حِزامٍ لخديجةَ بنتِ خُوَيْلد فوهَبتْهُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فتبنّاهُ رسولُ الله ﷺ قبْلَ النبوَّة، وهو ابنُ ثمانِ سنين، ورسولُ الله ﷺ أكبَرُ منه بعَشْر سِنين، وقيل: بعِشرين سنةً. قال عبدُ الله بُن عَمَر: ما كُنّا نَدْعو زيدَ بنَ حارثَة إلا زيْدَ بنَ محمدٍ حتى نزلَتْ: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾. عن البُخاريِّ ومسلمٍ وأحمدَ بنِ حَنْبلٍ والتِّرمذيِّ عن ابنِ عُمَر قال: إنّ زيدَ بنَ حارثَة مولى رسولِ الله ﷺ ما كُنّا نَدْعُوه إلا زيْدَ بنَ مُحمَدٍ حتى نزلَ القرآنُ: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: ٥].