حزام لعمته خديجة، فلما تزوجها رسول الله ﷺ وهبته له، وطلبه أبوه وعمه، فخير، فاختار رسول الله ﷺ فأعتقه، وكانوا يقولون: زيد بن محمد، فأنزل الله عزّ وجلّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (وطلبَه أبوهُ وعَمُّه، فخُيِّر، فاختارَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم)، وفي ((الاستيعاب)): حَجَّ ناسٌ مِنْ كَلْبٍ فرأَوْا زيدًا فعَرفهم فقال لهم: أبلِغوا أهلي هذه الأبيَات فإنّي أعلَمُ أنّهم قَد جَزِعوا علي فقال:
أحِنُّ إلى قومي وإن كُنتُ نائيا | فإنّي قعيدُ البيتِ عند المَشاعرِ |
فكُفّوا منَ الوجْدِ الذي قد شَجاكُم | ولا تُعْمِلوا في الأرضِ نَصَّ الأباعِرِ |
فإنّي بحَمْدِ الله في خَيْرِ أُسْرَةٍ | كرام مَعَدٍّ كابرًا بَعْدَ كابر |
فانطلق الكَلْبيون فأعلَموا أباه، فخرَج حارثةُ وكَعْبٌ ابنا شُراحيل لفدائِه، فقالا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا ابنَ عبدِ المطلَب، يا ابنَ هاشمٍ، يا ابن سَيِّدِ قَوْمِه، أنتُم أهلُ الحرَمِ وجيرانُه، تَفكُّون العَاني وتُطْعمونَ الأسير، جئْناكَ في ابنِنا عندك فامنُنْ علينا وأحسِن، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ادعُوه، فإنْ اختاركم فهو لكم، وإن اختارَني فوالله ما أنا بالذي اختارُ على مَنِ اختارَني أحدًا، فدَعاه فقال: هل تعرفِ هؤلاء؟ قال: نَعم هذا عَمِّي وهذا أبي، قال: فأنا مَنْ قد علِمْتَ ورأيْتَ صُحْبَتي فاختَرْني أو اختَرْهُما، فقال زيدٌ: ما أنا بالذي أختارُ عليكَ أحدًا، فقالا: ويحكَ يا زيدُ! أتختارُ العُبوديّةَ على الحريَّةِ وعلى أبيكَ وعَمِّك وأهلِ بيتِك؟ قال: نعم، قد رأيتُ مِنْ هذا الرجلِ شيئًا ما أنا بالذي أختارُ عليه أبدًا، فلما رأى رسولُ الله ﷺ [ذلك] أخرجَهُ إلى الحِجْرِ فقال: يا مَنْ حضر، اشهَدوا أنّ زيدًا ابني يَرِثُني وأرِثُه، فلمّا رأى ذلك أبوه وعَمُّه طابَت نفوسُهما فانصرَفا، ودُعيَ زيدَ بنَ محمَّد حتى جاءَ اللهُ بالإسلام، فنزلَتْ: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾، فدُعِيَ يومئذٍ زيْدَ بن حارثة.