وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم، ولا ما تصرفهم عنه، ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله ﷺ وصرفهم عنه؛ لأنّ كل ما دعا إليه فهو إرشاد لهم إلى نيل النجاة والظفر بسعادة الدارين، وما صرفهم عنه، فأخذ بحجزهم؛ لئلا يتهافتوا فيما يرمى بهم إلى الشقاوة وعذاب النار. أو: هو أولى بهم، على معنى: أنه أرأف بهم وأعطف عليهم وأنفع لهم، كقوله تعالى: (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)] التوبة: ١٢٨ [.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: بعدَ حِيال.
قولُه: (فأخَذَ بحُجَزِهم؛ لئلاّ يتهافَتوا)، وفي بعضِ النُّسَخِ: ((فأخذه)). هذا مُقْتبسٌ من حديثٍ رَواهُ البُخاريُّ ومسلمٌ والتِّرمذيُّ عن أبي هُريرَة: أنه سمِعَ رَسولَ الله ﷺ يقول: ((إنَّما مَثَلي وَمَثلُ الناسِ كمَثَلِ رجلٍ استوقَد نارًا فلما أضاءت ما حوْلَه، جعلَ الفَراشُ وهذه الدوابُّ التي تَقعُ فيها فجعلَ يَنْزِعهُنَّ ويَغْلِبْنَه فَيقْتَحِمْنَ فيها فأنا آخِذٌ بحُجَزِكم عنِ النار فتَغْلبوني، وتتقَحَّمون فيها)).
الاقتحامُ في الشيء: إلقاءُ النّفسِ فيه برَغْبَةٍ وإيثارٍ، والحُجَزُ: جَمْعُ حَجْزَةٍ وهيَ مَعْقِدُ الإزارِ، وحُجْزَةُ السّراويلِ مَعْروفة، وهَتَفَ الشيءُ هُتافًا: تطايرَ لخِفّتِه.
ورُوِيَ: ((ما يحمِلُكم على أن تَتابعوا في الكَذِبِ كما يتتابَعُ الفراشُ في النارِ وأنا آخِذٌ بحُجَزِكم))، وهذا معنى قوله تعالى: ﴿وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا﴾ [آل عمران: ١٠٣].


الصفحة التالية
Icon