وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤا إن شئتم: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، فأيما مؤمٍن هلك وترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك دينًا أو ضياعًا فإلىّ». وفي قراءة ابن مسعود: (النبىّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم). وقال مجاهد: كل نبىّ فهو أبو أمّته، ولذلك صار المؤمنون إخوة؛ لأنّ النبي ﷺ أبوهم في الدين. (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) تشبيه لهنّ بالأمهات في بعض الأحكام؛ وهو وجوب تعظيمهنّ واحترامهن، وتحريم نكاحهن، قال الله تعالى: (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً)] الأحزاب: ٥٣ [وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات؛ ولذلك قالت عائشة رضى الله عنها: لسنا أمهات النساء. تعنى أنهنّ إنما كنّ أمّهات الرجال؛ لكونهنّ محرّماٍت عليهم كتحريم أمّهاتهم. والدليل على ذلك: أنّ هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهنّ، وكذلك لم يثبت لهنّ سائر أحكام الأمهات. كان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالولاية في الدين وبالهجرة لا بالقرابة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (ما مِنْ مؤمنٍ إلاّ انا أولى به)، الحديثُ مِن رِوايةِ أحمدَ والبُخاريِّ ومُسلمٍ وابن ماجه والدارميِّ عن أبي هُريرةَ: أنّ رسولَ الله ﷺ قال: ((ما مِنْ مؤمنٍ إِلا أنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾، وأيُّما مؤمنٍ تركَ مالاً فليرِثه عصبَتُه مَنْ كان، فإنْ تَرَك دَيْنًا أو ضَياعًا فليأتِني فأنا مولاه)).
ضَياعًا: مَصْدر وصفٍ لمحذوفٍ، أي: عِيالاً ضَياعًا. النهاية: ضاعَ يَضيعُ ضَياعًا، فسَمّى العِيالَ بالمصدر، وإن رُوِيَ بكَسِرِ الضادِ فيكونُ جَمْعَ ضائعٍ، كجائعٍ وجِياع.
قولُه: (وهو أبٌ لهم)، قال الزجاج: لا يجوزُ أن يُقرأَ بها، لأنها ليسَتْ في المُصحفِ المُجمَعِ عليه.


الصفحة التالية
Icon