وأمّا تميم فيقولون: هلمّ يا رجل، وهلموا يا رجال، وهو صوت سمى به فعل متعدّ، مثل: احضر وقرب، (قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ)] الأنعام: ١٥ [. (إِلَّا قَلِيلًا): إلا إتيانًا قليلًا يخرجون مع المؤمنين يوهمونهم أنهم معهم، ولا نراهم يبارزون ويقاتلون إلا شيئًا قليلًا إذا اضطرّوا إليه، كقوله: (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا)] الأحزاب: ٢٠ [، (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) في وقت الحرب أضناء بكم، يترفرفون عليكم كما يفعل الرجل بالذاب عنه المناضل دونه عند الخوف، (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) في تلك الحالة كما ينظر المغشى عليه من معالجة سكرات الموت؛ حذرًا أو خورًا ولواذًا بك، (فإذا ذهب الخوف) وحيزت الغنائم ووقعت القسمة: نقلوا ذلك الشحّ وتلك الضنة والرفرفة عليكم إلى الخير -وهو المال والغنيمة- ونسوا تلك الحالة الأولى، واجترءوا عليكم، وضربوكم بألسنتهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (يتَرفْرَفون)، الأساس: ومنَ المجازِ: رَفْرفَ على ولدِه: إذا تحنّى عليه، فقولُه: ((يتَرفْرفون)) تفسيرٌ لقوله: ((ضَنّاً بكم))، أي: يوهِمون أنّهم مُشْفِقون عليكم بُخَلاءُ بأنفُسِكم أنْ تقعَ في التهلُكَة.
الجوهري: ضَنَّ بالشيءِ: إذا بَخِلَ به. أي: يتملَّقونَ للمؤمنينَ الذين يذبُّون؛ عنهم؛ ضَمَّنَ ﴿أَشِحَّةً﴾ معنى: رَفْرَفَ عليه، أي: تَملَّق، وعَدِّي تَعْدِيتَه، فالضميرُ في ((عنه)) و ((دونه)) راجعٌ إلى الرجُل أو إلى الموصولِ وهو الألِفُ واللامُ في الذابِّ والمناضلِ، فإذن المعنى إذا أتَوُا البأسَ تملَّقوا وأظهَروا الشفقةَ عليكُم كما يترَفْرفُ الطائرُ ليقَعَ على الشيء، وإذا حصَلوا في الخوفِ نظَروا إليك نَظَرَ المَغْشيِّ عليه من الموت لتذبّوا عنهم، ثُمَّ إذ حصَلَتْ قِسمةُ الغنائم نَقلوا ذلك التملُّقَ إلى القولِ الغليظِ طالبين المَال، ونَسُوْا تلك الحالةَ، وإليه الإشارةُ بقولِه: ((نقلوا ذلك الشُّحَّ)) إلى آخرِه.
قولُه: (وخَوَراً)، أي: رخاوة، الأساس: ومنَ المجازِ: رجلٌ خَوَّارٌ جَبان.
قولُه: (ضربوكم بألسنتهم)، هو بمعنى ﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ﴾. قال الزجاج: معنى ﴿سَلَقُوكُم﴾: خاطَبوكم أشدَّ مخاطبة وأبلغَها في الغنيمةِ، يقال: خطيبٌ مِسلاقٌ وسَلاّقٌ؛ إذا كان بليغًا في خُطْبتِه.


الصفحة التالية
Icon