وقالوا: وفروا قسمتنا فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم، وبمكاننا غلبتم عدوّكم، وبنا نصرتم عليه. ونصب (أَشِحَّةً) على الحال، أو على الذمّ. وقرئ: (أشحة) بالرفع، و (صلقوكم) بالصاد. فإن قلت: هل يثبت للمنافق عمل حتى يرد عليه الإحباط؟ قلت: لا، ولكنه تعليم لمن عسى يظن أنّ الإيمان باللسان إيمان وإن لم يوطئه القلب، وأن ما يعمل المنافق من الأعمال يجدى عليه، فبين أنّ إيمانه ليس بإيمان، وأنّ كل عمل يوجد منه باطل. وفيه بعث على إتقان المكلف أساس أمره؛ وهو الإيمان الصحيح،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (ونُصِبَ ﴿أَشِحَّةً﴾ على الحال)، قال أبو البقاء: ﴿أَشِحَّةً﴾ الأولى حالٌ من الضميرِ في ﴿وَلَا يَاتُونَ﴾، والثاني من الضميرِ المرفوعِ في ﴿سَلَقُوكُم﴾. وقال مكِّي: الصحيحُ أنَّ ﴿أَشِحَّةً﴾، و ﴿وَلَا يَاتُونَ﴾ حالٌ من الضميرِ في ﴿وَاَلْقَائِلِينَ﴾، وكذلك إنْ جَعَلْتَهما جميعًا حالَيْن من المُضْمَرِ في ﴿وَاَلْقَائِلِينَ﴾ ويجوزُ نَصْبُه على الذمِّ. وقيل: ﴿يَنظُرُونَ﴾ حالٌ من الضميرِ في ﴿رَأَيْتَهُمْ﴾، و ﴿تَدُورُ﴾ حالٌ من الضميرِ في ((ينظرون كالذي)) أي: دورانًا كدَورانِ عينِ الذي، ويجوزُ أن يكونَ الكافُ حالاً من أعيُنهِم أي مُشْبِهةً عينَ الذي.
قولُه: (و ((صَلَقوكم)) بالصاد، وأنشد صاحبُ ((المطلع)):

فصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً وصُداءٍ ألحَقَتْهُم بالثَّلَل
الثَّلَل: الهلاكُ. والصَّلْقةُ: الصّدْمَة أيضًا والواقعة المنكرة.
قولُه: (وفيه بَعْثٌ على إتقان المكلَّفِ أساسَ أمرِه)، يريدُ أنّ إحباطَ العملِ إنما يُتَصَّوُر


الصفحة التالية
Icon