عشرون منا حديٍد، أى: هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد. والثاني: أن فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها وتتبع؛ وهي المواساة بنفسه. (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا الله) بدل من (لكم)، كقوله: (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ)] الأعراف: ٧٥ [، (يرجو الله واليوم الآخر): من قولك: رجوت زيدًا وفضله، أى: فضل زيد، أو: يرجو أيام الله واليوم الآخر خصوصًا. والرجاء بمعنى الأمل أو الخوف، (وَذَكَرَ الله كَثِيراً): وقرن الرجاء بالطاعات الكثيرة والتوفر على الأعمال الصالحة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أفاءت بنو مروانَ ظُلْمًا دِماءَنا وفي الله إن لم يحكموا حكَمٌ عَدْلُ
قال ابنُ جِنّي: وهو تعالى أعرَفُ المعارفِ، وقد سَمّاهُ الشاعرُ حكَمًا عَدْلاً، وأخرجَ اللفظَ مُخْرَجَ التنكيرِ والمآلُ إلى معنى التعريف، ومنه قولك: لئِنْ لقِيتَ رسولَ الله ﷺ لتلقَيَنَّ منه رجلاً مُتناهيًا في الخيرِ ورسولاً جامعًا لسُبُلِ الفَضْلِ، فقد آلَتْ به الحالُ إلى معنى التجريد.
قولُه: (﴿لِّمَن كَانَ يَرْجُو﴾ بدَلٌ من ﴿لَكُمْ﴾) قال أبو البقاء: منعَ منه الأكثرون، لأنّ ضميرَ المُخاطَبِ لا يُبدَلُ منه، فعلى هذا يجوزُ أن يَتَعلَّقَ بـ ﴿حَسَنَةٌ﴾ أو يكونَ نعتًا لها، ولا يَتَعلَّقُ بـ ﴿أُسْوَةٌ﴾، لأنّها قد وُصِفَت. قال صاحب ((التقريب)): ﴿لِّمَن﴾ بدَلٌ مِن ﴿لَكُمْ﴾ بَدَلَ بعضٍ أو اشتمالٍ، إذِ المُظْهَرُ لا يُبدَلُ من المُخاطَبِ بدَلَ الكلّ.
قولُه: (﴿يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ من قولك: رَجوْتُ زيدًا وفَضْلَه)، أي: هو من بابِ: أعجَبني زيدٌ وكَرُمه، على تقديرِ: يرجو اللهَ وثوابَه، فوُضِعَ اليومُ الآخِرُ مَوْضِعَه، لأنّ ثوابَ الله يَقعُ فيه، وهو من إطلاقِ اسمِ المحلِّ على الحالِّ، وعليه قولُه تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٠٧] أي: في الجنّة. والوجهُ الثاني: من بابِ عَطْفِ العامِّ على الخاصّ. قال صاحب ((الفرائد)): يُمكنُ أن يكونَ التقديرُ: يرجو رحْمةَ الله تعالى أو رِضا الله وثوابَ اليومِ الآخر.


الصفحة التالية
Icon