عَلَيْهِ) إما أن يكون بمنزلة السنّ في طرح الجار، وإمّا أن يجعل المعاهد عليه مصدوقًا على المجاز، كأنهم قالوا للمعاهد عليه: سنفى بك، وهم وافون به؛ فقد صدقوه، ولو كانوا ناكثين لكذبوه، ولكان مكذوبًا، (وَما بَدَّلُوا) العهد ولا غيروه، لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة، ولقد ثبت طلحة مع رسول الله ﷺ يوم أحٍد حتى أصيبت يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوجب طلحة»، وفيه تعريض بمن بدلوا من أهل النفاق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جَعل الصِّدْقَ للسنِّ توسّعًا، وعليه قولُ المصنِّف: ((أن يُجْعلَ المُعاهَدُ عليه مَصْدوقًا على المجاز)).
قولُه: (أوجَبَ طلحة)، النهاية: في الحديثِ: مَنْ فعلَ كذا وكذا فقَد أوْجَبَ، يُقال: أوجَبَ الرجلُ: إذا الرجلُ: إذا فَعل فِعْلاً أوجَبَ له الجنّةَ أو النار.
قولُه: (وفيه تَعْريضٌ بمَنْ بَدّلوا من أهلِ النفاق)، أيْ: في قولِه تعالى: ﴿وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾، كأنّه قيلَ: من المؤمنينَ رجالٌ صدَقوا ما عاهدوا عليه وما بَدَّلوا تبديلاً ليَجْزِيَهم الله بصِدْقِهم، ومن المنافقينَ رجالٌ كذَبوا ما عاهدوا الله وبَدّلوا تبديلاً ليُعذِّبَهم، فوضَعَ موضِعَ الضميرَيْن المُظْهَرَيْن؛ للإيذانِ بأنّ استحقاقَ كلٍّ بسَببِ عَمَلِه، فاللامُ المُقدَّرُ في ((ليُعَذّبَهم)) مَجازٌ للعاقبة، وهاهُنا طريقٌ أسْهَلُ مأخذًا، وأبْعَدُ من التعسُّفِ، وأقربُ إلى المقصود وهو أن تُعَلَّقَ اللامُ بمعنى قوله: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ﴾، كأنه قيلَ: إنّما ابتلاهُم اللهُ برؤيةِ ذلك الخَطْبِ المشارِ إليه ((بهذا)) - كما قال: ((﴿هَذَا﴾ إشارةٌ إلى الخَطْبِ أو إلى البلاءِ)) - ليَجْزِيَ الصادقينَ بصِدْقِهم ما لا يدخُلُ تحْتَ الوَصْفِ والعَدِّ، ويُعَذِّبَ المُنافقين، كما سَبق مِثْلُه في قولِه تعالى:


الصفحة التالية
Icon