بشيء. أصل "تعال": أن يقوله من في المكان المرتفع لمن في المكان المستوطئ، ثم كثر حتى استوت في استعماله الأمكنة. ومعنى "تعالين": أقبلن بإرادتكن واختياركن لأحد أمرين، ولم يرد نهوضهنّ إليه بأنفسهنّ، كما تقول: أقبل يخاصمني، وذهب يكلمني، وقام يهددنى. (أُمَتِّعْكُنَّ): أعطكنّ متعة الطلاق. فإن قلت: المتعة في الطلاق واجبة أم لا؟ قلت: المطلقة التي لم يدخل بها ولم يفرض لها في العقد، متعتها واجبة عند أبى حنيفة وأصحابه، وأما سائر المطلقات فمتعتهن مستحبة. وعن الزهري: متعتان، إحداهما: يقضى بها السلطان: من طلق قبل أن يفرض ويدخل بها. والثانية: حق على المتقين: من طلق بعد ما يفرض ويدخل. وخاصمت امرأة إلى شريح في المتعة، فقال: متعها إن كنت من المتقين، ولم يجبره. وعن سعيد بن جبير: المتعة حق مفروض. وعن الحسن: لكل مطلقة متعة إلا المختلعة والملاعنة. والمتعة: درع وخمار وملحفة على حسب السعة والإقتدار، إلا أن يكون نصف مهرها أقل من ذلك، فيجب لها الأقل منهما. ولا ينقص من خمسة دراهم؛ لأن أقل المهر عشرة دراهم، فلا ينقص من نصفها. فإن قلت: ما وجه قراءة من قرأ: (أمتعكنّ وأسرحكنّ) بالرفع؟ قلت:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المُخَيَّرَة إذا اختارَتِ الزوجَ لم تطلُقْ خِلافًا لزيدٍ والحسنِ ومالكٍ وإحدى الروايتين عن علي رضي الله عنه، يؤيِّدُه قولُ عائشةَ رضيَ الله عنها: خَيَّرَنا رسولُ الله ﷺ فاختَرْناه، ولم يَعُدَّه طلاقًا. وتقديمُ التمتيع على التسريحِ المسبَّبِ عنه من الكَرَمِ وحُسْنِ الخلق.
قولُه: (المُطلَّقةُ التي لم يُدْخَلْ بها ولم يُفْرَضْ لها في العَقْدِ مُتْعتُها واجبةٌ عند أبي حنيفة)،
قال القاضي: ليس في الكلام ما يدلُّ عليه.
قولُه: (وعن الزُّهْريِّ مُتْعتان)، هما مبنيتان على ما في ((البقرة)) مِنْ قَوْلِه ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١] بعد قوله {لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ


الصفحة التالية
Icon