لينًا خنثًا مثل كلام المربيات والمومسات (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) أى: ريبة وفجور. وقرئ: بالجزم؛ عطفًا على محل فعل النهى، على أنهن نهين عن الخضوع بالقول، ونهى المريض القلب عن الطمع، كأنه قيل: لا تخضعن فلا يطمع. وعن ابن محيصن: أنه قرأ بكسر الميم، وسبيله ضم الياء مع كسرها وإسناد الفعل إلى ضمير القول؛ أى: فيطمع القول المريب. (وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً): بعيدًا من طمع المريب بجد وخشونة من غير تخنث، أو قولًا حسنًا مع كونه خشنًا.
[(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)] ٣٣ [
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إرادتِه بطريق المجاز، ومتى أمكن الحقيقة لم يجز الحمل على المجاز، وقد حمله وذكر معه الحقيقة. وقلت: هاهنا تفصيل، وذلك أنّ المخاطَب إما أن يكونُ متقيًا، فيجري الكلام على الحثِّ، كما حكى الله عن مريم تُخاطبُ عليهما السلام: ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ١٨]. روى البخاريُّ عن أبي وائل قال: علِمَت مريمُ أن التقيَّ ذو نُهْيَة حين قالت: ﴿إِن كُنتَ تَقِيًّا﴾. هذا الطريق هو الذي سلكَه المصنِّفُ لاقتضاء المقام إياه تهييجًا وإلهابًا، وقد نبّه عليه بقوله: ((وإن كُنتُنَّ مُتَّقيات)) على ((إن)) الشرطية، أو تخاطبُ من لم يتَّصف بصفة التقوى وأرادَ الاتصافَ بها، فحينئذ لابد من تقدير الإرادة، والأول أوجه؛ لأن المخاطباتِ مُتَّقياتٌ، والشرطُ كالتعليل.
قولُه: (ليّنًا خَنِثًا)، الأساس: خَنِثَ: تكَسّر وتثَنّى. وقد خَنث وتخنّث وخَنّث كلامَه: ليَّنه.
قولُه: (المومسِات)، النهاية: المومسة الفاجرة.


الصفحة التالية
Icon