(وَقَرْنَ) بكسر القاف، من: وقر يقر وقارًا، أو من: قرّ يقرّ، حذفت الأولى من رائى: أقررن، ونقلت كسرتها إلى القاف، كما تقول: ظلن، و (وقرن): بفتحها، وأصله: أقررن، فحذفت الراء وألقيت فتحتها على ما قبلها، كقولك: ظلن. وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب "التبيان" وجهًا آخر، قال: قار يقار: إذا اجتمع، ومنه: القارة؛ لاجتماعها، ألا ترى إلى قول عضل والديش: اجتمعوا فكونوا قارة؟ والْجاهِلِيَّةِ الْأُولى: هي القديمة التي يقال لها: الجاهلية الجهلاء، وهي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام؛ كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ فتمشى وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال. وقيل: ما بين آدم ونوح. وقيل: بين إدريس ونوح. وقيل: زمن داود وسليمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: ((وقِرْنَ) بكَسْرِ القاف)، قرأ نافع وعاصم: بفَتْح القاف، والباقون: بكَسْرِها.
قال مكّي: مَنْ قرأ بالكسرِ جَعله من الوقارِ والتوقيرِ في البيوت، نَحْو: عِدْنَ وزِنَّ محذوفَ الفاء، وهو الواو. ويجوز أن يكون من القرار فيكون مُضَعَّفًا. أي: قَرَّ في المكان يَقَرُّ. وأصله: اقرُرْنَ، ثم تُبدلُ من الراءِ التي هي عينُ الفعلِ ياء كراهيةَ التضعيف فتَصيرُ الياءُ مكسورة، فتُلقى حركتُها على القافِ، وتُحذَفُ لسكونها وسكونِ الراءِ، ويُستغنى عن ألفِ الوصل لتحرُّكِ القافِ، فتصير ((قَرْن))، وقيل: بَل حُذِفت الراءُ الأولى كراهةَ التضعيف كما قالوا: ظَلْتُ، والأصلُ: ظَلَلْتُ، وأُلقِيَتْ حركتُها على القافِ فحُذِفَت ألِفُ الوصلِ لتحرّك القافِ أيضًا. ومَنْ قرأ بفَتْحِ القافِ وهي لُغةٌ قليلة حَكاها أبو عُبيدةَ عن الكسائي أنه قال: قَررْتُ في المكان أقرُّ، وأنكَرها المازِنيُّ وغيرُه، ثم جرى الاعتلال على الوجهَيْن المذكورين في الكسر.
قولُه: (عَضَلٍ والدَّيْش)، بفتحِ الدالِ وكسْرِها وسكونِ الياء. الجوهري: عضل بن الهون بن خُزَيمةَ أخو الديش وهما القارة، سُمُّوا قارة؛ لاجتماعهم والتفافهم.
قولُه: (الجاهلية الجهلاء)، الجوهري: ((الجهلاءُ)) توكيدٌ للأولِ يُشتَق له من اسمِه ما يؤكَّدُ به، كما يقال: ليلةٌ ليلاء وَيوْمٌ أيْوَمُ.


الصفحة التالية
Icon