أمرهم ما شاءوا، بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه، واختيارهم تلوا لاختياره. فإن قلت: كان من حق الضمير أن يوحد، كما تقول: ما جاءني من رجٍل ولا امرأة إلا كان من شأنه كذا. قلت: نعم، ولكنهما وقعا تحت النفي؛ فعما كل مؤمن ومؤمنة؛ فرجع الضمير على المعنى لا على اللفظ. وقرئ: (يكون) بالتاء والياء. و (الْخِيَرَةُ) ما يتخير.
[(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً)] ٣٧ [
(لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ) بالإسلام الذي هو أجل النعم، وبتوفيقك لعتقه ومحبته واختصاصه، (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْه) بما وفقك الله فيه، فهو متقلب في نعمة الله ونعمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلوات الله عليه بمنزلةٍ من الله ومكانة، وعلى الثاني: المرادُ بقضاءِ الله نَصُّه وهو القرآنُ المُنزل، وبقضاءِ رسول الله امتثالُ أمرِه. ذكَر الوجهَيْن في أولِ ((الأنفال))، فليُنظَر هناك ليتحقق.
قولُه: (فرجع الضمير على المعنى لا على اللفظ)، لم يذكر الفائدةَ في العدول عن الظاهر، ولعل الفائدةَ فيه الإيذانُ بأنه كما لا يصحّ لكل فردٍ من المؤمنين أن يكون لهم الخِيرَةُ، كذلك لا يصح أن يجتمعوا ويَتَّفِقوا على كلمةٍ واحدة؛ لأن تأثيرَ الجماعة واتفاقَهم أقوى من تأثيرِ الواحد، فجمعَ في الآية المعنَيين معًا.
قولُه: (قُرئ: ﴿يَكُونَ﴾ بالتاءِ والياءِ)، وبالتاءِ الفَوْقانية: نافعٌ وابنُ ذَكْوان، والباقون: بالياء.


الصفحة التالية
Icon