رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو زيد بن حارثة: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) يعنى زينب بنت جحش رضى الله عنها؛ وذلك أن رسول الله ﷺ أبصرها بعد ما أنكحها إياه، فوقعت في نفسه، فقال: "سبحان الله مقلب القلوب"؛ وذلك أنّ نفسه كانت تجفو عنها قبل ذلك لا تريدها، ولو أرادتها لاختطبها، وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد، ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنى أريد أن أفارق صاحبتي، فقال: "مالك؟ أرابك منها شيء؟ " قال: لا والله؛ ما رأيت منها إلا خيرًا، ولكنها تتعظم علىّ لشرفها وتؤذيني، فقال له: "أمسك عليك زوجك واتق الله"، ثم طلقها بعد، فلما اعتدت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أجد أحدًا أوثق في نفسي منك، اخطب علىّ زينب". قال زيد: فانطلقت، فإذا هي تخمر عجينتها، فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، حين علمت أنّ رسول الله ﷺ ذكرها، فوليتها ظهري وقلت: يا زينب، أبشرى، إنّ رسول الله ﷺ يخطبك، ففرحت وقالت: ما أنا بصانعةٍ شيئًا حتى أؤامر ربى، فقامت إلى مسجدها، ونزل القرآن (زَوَّجْناكَها) فتزوجها رسول الله ﷺ ودخل بها، وما أو لم على امرأةٍ من نسائه ما أو لم عليها: ذبح شاة، وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتدّ النهار. فإن قلت: ماذا أراد بقوله: (وَاتَّقِ الله)؟ قلت: أراد: واتق الله فلا تطلقها، وقصد نهى تنزيه لا تحريم؛ لأن الأولى أن لا يطلق. وقيل: أراد: واتق الله فلا تذمّها بالنسبة إلى الكبر وأذى الزوج. فإن قلت: ما الذي أخفى في نفسه؟ قلت: تعلق قلبه بها. وقيل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (لأنّ الأولى أن لا يُطَلِّق)، عن أبي داودَ عن مُحاربٍ: أنّ رسولَ الله ﷺ قال: ((ما أحلَّ الله شيئا أبغض إليه من الطلاق))، وفي روايةٍ أخرى عن ابنِ عُمر عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: ((أبغَضُ الحلالِ إلى الله الطلاق)).


الصفحة التالية
Icon