كما جاء في حديث إرادة رسول الله ﷺ قتل عبد الله بن أبى سرح واعتراض عثمان بشفاعته له: أن عمر قال له: لقد كان عينى إلى عينك، هل تشير إلىّ فأقتله، فقال: "إن الأنبياء لا تومض، ظاهرهم وباطنهم واحد". فإن قلت: كيف عاتبه الله في ستر ما استهجن التصريح به، ولا يستهجن النبىّ ﷺ التصريح بشيء إلا والشيء في نفسه مستهجن،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: تَبًّا له وتَبَّ له وتَبَبْتهُ إذا قلت له ذلك ولتضمن الاستمرار قيل: استَتَبَّ لفلان كذا أي استمر.
قولُه: (كما جاءَ في حديثِ إرادةِ رسول الله صلى الله عليه)، وحديثُه على ما رواه أبو داود والنسائي عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يومُ فتح مكة أمّن رسول الله الناسَ إلا أربعةَ نفرٍ وامرأَتين- فسَمّاهم- وابنُ أبي سَرْح، فذكر الحديث. وأما ابنُ أبي سَرْحٍ فإنه اختبأ عند عُثمان رضي الله تعالى عنه فلما دعا رسول الله ﷺ الناسَ إلى البيعةِ جاءَ به حتى وقفه على النبيِّ ﷺ فقال: يا نبي الله، بايعِ عبد الله، فرفع رأسَه فنظر إليه ثلاثًا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على الصحابةِ فقال: ((أما كان منكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كفَفْتُ يدي عن بَيعتِه فيَقتله فقالوا: مَا ندْري يا رسولَ الله ما في نفسِك ألا ما أوماتَ إلينا بعينك؟ قال: ((لا ينبغي لنبيّ أن يكونَ له خائنة الأعين)).
قولُه: (لا تُومضُ)، الأساس: ومنَ المجازِ: أومَضَتْ بعَيْنها سارَقتِ النظر. قال:

قُل للهُمامِ وخَيْرُ القولِ أصدَقُه والدهرُ يومِضُ بعد الحالِ بالحال
هو من قولك: وَمضَ البرقُ وَميضًا ووَمْضًا، وبَرقٌ وامِضٌ، وأوْمضَ إيماضًا: إذا لَمع خَفِيًّا.


الصفحة التالية
Icon