قوة العلم بأن نفس زيٍد لم تكن من التعلق بها في شيء، بل كانت تجفو عنها، ونفس رسول الله ﷺ متعلقة بها، ولم يكن مستنكرًا عندهم أن ينزل الرجل عن امرأته لصديقه، ولا مستهجنًا إذا نزل عنها أن ينكحها الآخر؛ فإنّ المهاجرين حين دخلوا المدينة استهم الأنصار بكل شيء، حتى إن الرجل منهم إذا كانت له امرأتان نزل عن إحداهما وأنكحها المهاجر، وإذا كان الأمر مباحًا من جميع جهاته، ولم يكن فيه وجه من وجوه القبح ولا مفسدةٌ ولا مضرّة بزيٍد ولا بأحد، بل كان مستجرًا مصالح -ناهيك بواحدة منها: أن بنت عمة رسول الله ﷺ أمنت الأيمة والضيعة، ونالت الشرف، وعادت أما من أمّهات المسلمين-، إلى ما ذكر الله عز وجل من المصلحة العامّة في قوله: (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)، فبالحرى أن يعاتب الله رسوله حين كتمه وبالغ في كتمه. بقوله: (أَمْسِكْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و((مِن)) الثانية هي التي تستعمل مع ((أفعل))، و ((أن يُواسيه)) مفعولُ ((طلب)). ((وهو أقربُ منه من زِرِّ قميصه)) جملةٌ معترضة، والجملةُ كنايةٌ عن رضاه على المبالغة.
قولُه: (آسَتْهُم الأنصار)، من المواساة، وروي: ((اسْتَهَمَ)) أي: اقترع.
قولُه: (أن بنتَ عَمّةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم)، زينبُ بنت جحش، أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، لم تكن امرأةٌ خيرًا من زينب في الدين، وأتقى لله، وأصدقَ حديثًا، وأوصَل للرحم، وأعظَم صدقةً، وأشدَّ تبذُّلاً لنفسها في العملِ الذي يُتصَدَّقُ به ويتقرب إلى الله تعالى.
قولُه: (أمِنَت الأَيْمةَ)، أي: أمِنَتْ من أن تَصير أَيِّمةً.
قولُه: (إلى ما ذكر الله)، متعلِّق بقولِه ((مُسْتَجِرًّا))، وقولُه: ((ناهيك)) إلى قوله: ((أمهات المؤمنين)) معترضةٌ، و ((منها)) صفةٌ لـ ((واحدة)) و ((أن بنتَ عمةِ رسول الله)) بدَلٌ من ((واحدة)).
قولُه: (فبالَحرى أن يُعاتِبَ اللهُ رسولَه حين كتمه)، جواب ((إذا))، وهو تلخيصُ الجوابِ


الصفحة التالية
Icon