وبكسرها: بمعنى الطابع وفاعل الختم، وتقوّيه قراءة ابن مسعود: (ولكنّ نبيا ختم النبيين). فإن قلت: كيف كان آخر الأنبياء وعيسى ينزل في آخر الزمان؟ قلت: معنى كونه آخر الأنبياء: أنه لا ينبأ أحد بعده، وعيسى ممن نبئ قبله، وحين ينزل ينزل عاملًا على شريعة محمد، مصليًا إلى قبلته، كأنه بعض أمّته.
[(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا الله ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)] ٤١ - ٤٢ [
(اذْكُرُوا الله): أثنوا عليه بضروب الثناء من التقديس والتحميد والتهليل والتكبير وما هو أهله، وأكثروا ذلك (بُكْرَةً وَأَصِيلًا) أى: في كافة الأوقات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذكر الله على فم كل مسلم"، وروى: "في قلب كل مسلم". وعن قتادة: قولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلا بالله. وعن مجاهد: هذه كلمات يقولها الطاهر والجنب. والفعلان -أعنى: اذكروا وسبحوا- موجهان إلى البكرة والأصيل، كقولك: صم وصلّ يوم الجمعة. والتسبيح من جملة الذكر، وإنما اختصه من بين أنواعه اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة؛ ليبين فضله على سائر الأذكار؛ لأن معناه: تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (بمعنى الطابع)، النهاية: في حديث الدعاء: ((اختُمْه بآمين، فإنّ آمين مثلُ طابَع- بالفتح- الخاتم))، يريد: أنه يختم عليها ويُرفَعُ كما يَفعَل الإنسان بما يعِزُّ عليه.
قولُه: (﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾)، ذُكِرَ الوقتانِ المخصوصان وأريد الدوام، كقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢]. قال القاضي: وتخصيصُ الوقتَيْن بالذكر للدلالةِ على فَضْلِهما على سائر الأوقات، لكونهما مشهودين، كإفراد التسبيح بالذكر من جملة الأذكار لأنها العمدة فيها.


الصفحة التالية
Icon