ودلالة (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ): وهو الراجع إلى ربه، المطيع له؛ لأنّ المنيب لا يخلو من النظر في آيات الله، على أنه قادر على كل شيٍء من البعث ومن عقاب من يكفر به. قرئ: "يشأ" و"يخسف" و"يسقط" بالياء؛ لقوله تعالى: (أَفْتَرى عَلَى الله كَذِباً)] سبأ: ٨ [. وبالنون لقوله: (وَلَقَدْ آتَيْنا). و (كسفا): بفتح السين وسكونه. وقرأ الكسائي: (يخسف بهم) بالإدغام، وليست بقوية.
[وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (على أنّه قادرٌ على كلِّ شيءٍ من البعثِ ومن عقابِ مَنْ يكفُرُ به)، مَتَعلِّقٌ بقوله: ((ودلالة))، يريدُ أنّ قولَه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ﴾ تذييلٌ لقوله: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم﴾ وتعريضٌ بقلّةِ النظرِ في مُنكري البعثِ والحشرِ في آياتِ الله، وإليه الإشارةُ بقوله: ((لأنّ المنيبَ لا يخْلو من النظرِ في آياتِ الله)). وفيه الإشارةُ إلى بيانِ نظْمِ هذه الآية بقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ﴾ وبقوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً﴾ لأنه كالتخلُّصِ منه إليه، لأنه منَ المُنيبين المتفكِّرين في آياتِ الله، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ [ص: ١٧].
قال القاضي: قوله: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ تذكيرٌ بما يُعاينوه مما يدلُّ على كمالِ قدرةِ الله تعالى وما فيه إزاحةُ استحالتِهم الإحياءَ حتى جَعلوه افتراءً وهُزوًا، وتهديدٌ عليهم.
قولُه: (((يَشَا)) و ((يَخْسِفْ)) و ((يُسْقِط))، بالياءِ): حَمزةُ والكِسائي: ثلاثتُها بالياء. وأدغَم الكِسائيّ الفاءَ في الباء، والباقون: بالنونِ فيهنّ، وقرأ حَفْصٌ: ﴿كِسَفًا﴾ بفَتْح السينِ، والباقونَ بإسكانها.
قولُه: (((يخْسِفْ بهم)) بالإدغام، وليست بقوِيّة)، المُطْلع: لزيادةِ صوتِ الفاءِ على صوتِ الباءِ كما لا يجوزُ إدغامُ الراءِ في اللام.


الصفحة التالية
Icon