شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ)] ١٠ - ١٣ [
(يا جِبالُ) إمّا أن يكون بدلا من: (فَضْلًا)، وإمّا من: (آتَيْنا)، بتقدير: قولنا: يا جبال. أو: قلنا: يا جبال. وقرئ: (أوّبى) و (أوبى) من التأويب والأوب،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بتقديرِ: قولنا: يا جبالُ، أو قُلنا: يا جبالُ)، رُوِيَ ((قَوْلنا)) بالنَّصْبِ والجرِّ. الأوّلُ على تقديرِ أن يكونَ بدَلاً مِن ﴿فَضْلاً﴾ أي: ولقد آتينا دوادَ مِنّا قَوْلَنا: ﴿يَا جِبَالُ﴾، والثاني على أن يكونَ بَدَلاً مِن ﴿آتَيْنَا﴾ أي: ولقد قُلنا: يا جبالُ أوِّبي مع داود.
قوله: (وقُرئَ: ﴿أَوِّبْي﴾ و ((أُوبي)))، الأولى هي المشهورةُ، والثانية شاذة.
الراغب: الأَوْبُ: ضَرْبٌ من الرجوعِ، لأنّ الأَوْبَ لا يُقال إلاّ في الحيوانِ الذي له إرادةٌ، والرجوعُ عام يُقالُ: آبَ أوْبًا وإيابًا ومآبًا. والأوّاب كالتوابِ وهو الراجعُ إلى الله تعالى من المعاصي وفعل الطاعات قال تعالى: ﴿أَوَّابٍ حَفِيظٍ﴾ [ق: ٣٢]، ومنه قيلَ للتوبةِ أوْبَة.
قولُه: (من التأويب والأوب)، قال صاحبُ ((التقريب)): أي: رَجِّعي معه التسبيحَ أو: ارجِعي معه في التسبيح بترجيعِه.
قلتُ: في كلامِ المصنّفِ إشعارٌ بأنّ مَرْجعَ معنى القراءتَيْن- وهو الرجوعُ معه في التسبيحِ- إلى واحد، وتعليلُه مُنْبِئٌ عنه؛ لأنّ الترجيعَ مستلزمٌ للرجوع. ذكَر في سورةِ ((ص)): وضَعَ الأوّابَ موضِعَ المُسَبِّحِ لأنّها كانت تُرجِّعُ التسبيح والمُرَجِّعُ رَجَّاعٌ لأنّه يَرْجِعُ إلى فِعْلِه رجوعًا بعد رجوع، ولأنّه إذا رَجَّعَ الصوتَ أي: رَدَّده فقد رَجَعَ فيه أي: رجَعَ إلى ما