ومعناه: أنه حين وجد آدم ضعيف العزم قد أصغى إلى وسوسته قال: إنّ ذرّيته أضعف عزمًا منه، فظنّ بهم اتباعه، وقال: (لأضلنهم)] النساء: ١١٩ [، (لأغوينهم)] ص: ٨٢ [. وقيل: ظنّ ذلك عند إخبار الله تعالى الملائكة: أنه يجعل (فيها من يفسد فيها)] البقرة: ٣٠ [، والضمير في (عَلَيْهِمْ) وَ"اتَّبَعُوهُ" إمّا لأهل سبأ؛ أو لبنى آدم. وقلل المؤمنين بقوله: (إِلَّا فَرِيقاً)؛ لأنهم قليل بالإضافة إلى الكفار، كما قال: (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا)] الإسراء: ٦٢ [، (وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ)] الأعراف: ١٧ [. (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ) من تسليٍط واستيلاٍء بالوسوسة والاستغواء إلا لغرض صحيح وحكمة بينة؛ وذلك أن يتميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها. وعلل التسليط بالعلم، والمراد ما تعلق به العلم. وقرئ: (ليعلم) على البناء للمفعول. (حَفِيظٌ): محافظ عليه، وفعيل ومفاعل متآخيان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فدَتْ نفسي وما مَلَكْت يَميني | فوارسَ صَدَّقَتْ فيهم ظنوني |
قولُه: (والضميرُ في ﴿عَلَيْهِم﴾ و ((اتبعوه)) إما لأهلِ سبأ أو لبني آدم)، فإن كان الأول فالكلامُ تَتِمَّةٌ للأول إما حالاً أو عَطْفًا، وإن كان الثاني فهو كالتذييلِ تأكيدًا له.
قوله: (وقُلَّل المؤمنينَ بقولِه: ﴿إِلاَّ فَريقًا﴾ لأنهم قليلٌ بالإضافةِ إلى الكفار)، في ((المطْلع)): هذا إذا جَعَلْتَ ((مِنْ)) للتبين، وإن جعَلْتَها للتبعيضِ فالمرادُ بالفريقِ: الخُلَّصُ من المؤمنين الذين لم يتبعوه فيما دعاهم إليه من المعاصي.
قولُه: (وعُلِّلَ التسليطُ بالعلم، والمرادُ ما تَعلَّق به العلم)، المطْلع: وهو الإيمانُ والكفر، والمعنى: إلا لنعلمَ إيمانَ المؤمنِ بالآخرةِ ظاهرًا موجودًا، وكذلك كُفْرَ الكافرِ الذي هو في شكِّ منها، لأنَّ العلمَ بهما موجودَيْن هو الذي يتعلَّقُ به الجَزاء.
قال القاضي: ﴿إلاَّ لِنَعْلَمَ﴾ إلاّ ليتعلَّقَ علْمُنا بذلك تعلُّقًا يترتَّبُ عليه الجزاءُ، أو ليتميَّزَ