[قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ)] ٢٢ [
(قُلِ) لمشركي قومك: (ادْعُوا الَّذِينَ) عبدتموهم من دون الله من الأصنام والملائكة وسميتموهم باسمه كما تدعون الله، والتجئوا إليهم فيما يعروكم كما تلتجئون إليه. وانتظروا استجابتهم لدعائكم ورحمتهم كما تنتظرون أن يستجيب لكم ويرحمكم. ثم أجاب عنهم بقوله: (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) من خير أو شر، أو نفع أو ضر فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ وَما لَهُمْ في هذين الجنسين من شركة في الخلق ولا في الملك، كقوله تعالى: (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)] الكهف: ٥١ [، وماله منهم من عوين يعينه على تدبير خلقه؛ يريد: إنهم على هذه الصفة من العجز والبعد عن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤمنُ من الشاكِّ، أو ليُؤمِنْ مَنْ قُدِّرَ إيمانُه ويَشُكَّ مَنْ قُدِّرَ ضلاله، والمرادُ من حصولِ العِلْمِ حصولُ مُتَعلَّقِه مُبالغة. وفي نَظْمِ الصِّلَتيْن نُكتةٌ لا تَخْفى.
وقلتُ: لعلّ النكتةَ إيقاعُ الشكِّ في الصلة الثانية في مقابل الإيمان المذكور في الصلة الأولى، وأن لم يقُلْ: من هو مؤمنٌ بالآخرة ممن هو كافر بها، أو: من يوقن بالآخرة ممن هو في شكٍّ منها، ليؤذن بأن أدنى شك في الآخرة كفر، وأنَّ الكافرين لا يوقنون بالردِّ بل هم مُستقرُّون في الشك لا يتجاوزونَ إلى اليقين.
قوله: (فيما يَعْروكم)، الجوهري: عراني هذا الأمر واعْتَراني: إذا غَشِيَك، وعروْتُ الرجلَ أعروهُ عروًا: إذا ألمَمْتُ به وأتيته طالبًا، وهو مَعْرُوٌّ.
قوله: (ثُم أجابَ)، عَطْفٌ على قوله: ((قل لمُشْركي مكة)) أي: قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: قل لمشركي مكة، ثم أجاب.
قوله: (في هذَيْنِ الجنسَيْن)، أي: السماواتِ والأرض، يعني: عدلَ عن ضميرِ الجمع نحو: ((فيهنَّ)) و ((فيها)) إلى التثنية لإرادة الجنسَيْن.