مرتبك فيه لا يدرى أين يتوجه. وفي قراءة أبىّ: (وإنا أو إياكم إما على هدى أو في ضلال مبين).
[قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)] ٢٥ - ٢٦ [
هذا أدخل في الإنصاف، وأبلغ فيه من الأوّل؛ حيث أسند الإجرام إلى المخاطبين والعمل إلى المخاطبين، وإن أراد بالإجرام الصغائر والزلات التي لا يخلو منها مؤمن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (مرتبك)، الجوهري: ارتبكَ الرجلُ في الأمر، أي: تشبَّثَ فيه ولم يكَدْ يتخَلَّصُ منه.
قوله: (وفي قراءةِ أبِّي: ((وإنا أو في إياكم إما على هدى أو في ضلالٍ مبين)))، قال أبو البقاء: ﴿أَوْ إِيَّاكُمْ﴾ معطوفٌ على اسمِ ((إنّ))، والخبرُ مُكَرَّر كقولِهم: إنّ زيدًا وعَمْرًا قائم. واختلفوا في الخبر، قال سيبويه: المذكورُ للثاني والأولُ محذوفٌ وهو أولى من عَكْسِه، فعلى هذا يكونُ ﴿لَعَلَى هُدًى﴾ خبرَ الأولِ و ﴿أَوْ فِي ضَلَالٍ﴾ معطوفًا عليه وخَبَرُ المعطوفِ محذوفٌ لدلالةِ المذكورِ عليه. والكلام على المعنى غيرِ الإعراب لأنَّ المعنى: إنا على هدى من غيرِ شكّ، وأنتم على ضلالةٍ على يقين، لكن خَلَطَه على افتنانِهم، كقولهم: أخزى الله الكاذبَ مِنّي ومنك.
قوله: (هذا أدخَلُ في الإنصافِ، وأبلغُ فيه)، الانتصافُ: وذكرَ الإجرامَ المضافَ إلى النفسِ بصيغةِ الماضي التي تُعطي معنى التحقيق، وذكرَ العملَ المنسوبَ إلى الخصمِ بما لا يُعطي ذلك.
قوله: (وإنْ أرادَ بالإجرام)، هذا شَرْطٌ لا يُذْكَرُ جَوابُه للمبالغةِ والجملةُ للحالِ أي: هذا أبلغُ من الأول، وإن أريدَ في الحقيقةِ بالإجرامِ الصغائرُ وبالعملِ الكفرُ لأنَّ في الظاهرِ أسندَ مُطلقَ الإجرام إلى المتكلِّم ومُطلقَ العملِ إلى المخاطَب.


الصفحة التالية
Icon