وكم ترى ممن يرتكب هذا بالخطأ، ثم لا يقنع به حتى بضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى؛ لأنه لا يستوي له الخطأ الأوّل إلا بالخطإ الثاني، فلا بد له من ارتكاب الخطأين.
[وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَاخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ)] ٢٩ - ٣٠ [
قرئ: (ميعاد يوم)، و (ميعاد يوم). و (ميعاد يوما). والميعاد: ظرف الوعد من مكان أو زمان، وهو هاهنا الزمان. والدليل عليه قراءة من قرأ: (ميعاد يوم) فأبدل منه اليوم. فإن قلت: فما تأويل من أضافه إلى (يوم)، أو نصب (يوما)؟ قلت: أما الإضافة فإضافة تبيين، كما تقول: سحق ثوب، وبعير سانية. وأما نصب "اليوم" فعلى التعظيم بإضمار فعل تقديره: لكم ميعاد أعنى يومًا، أو أريد يومًا؛ من صفته كيت وكيت. ويجوز أن يكون الرفع على هذا، أعنى التعظيم. فإن قلت: كيف انطبق هذا جوابًا على سؤالهم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفعلُ، ولا يفتقرُ الفعلُ في عملهِ في الحال إلى الجارِّ، وإنما يفتقر إليه في عمله في المفعولِ به، فإذا جاز أن يعمل في الحال ما لا يعملُ في صاحبِ الحال كان أوْلى بالجواز.
وقولُ القائل: المجرورُ لا يتقدَّمُ الجارَّ، فإنّما يلزَمُ هذا أنْ لو كان الجارُّ عاملاً في الحالِ، كقولك: قائمًا في الدار زيد، لا يجوز لكون الجار عاملاً في الحال، وقد ذكر بأن العامل هو الفعل فلذلك جاز.
واعلم أن المالكي يُجوِّز تَعَدُّدَ العامل في الحال وصاحبها، وقد أسلفنا القول فيه في سورة الأنبياء عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [الأنبياء: ٩٢] مستوفي.
قوله: (وبعير سانية)، الجوهري: السانية: الناضجة، وهي الناقة التي يستقي عليها.
قوله: (كيف انطبق هذا جوابا على سؤالهم؟ )، يعني: أنهم سألوا عن وقت إرساء الساعة وأجيبوا عن أحوالِهم فيها، وتلخيصُ الجواب: أنه من الأسلوبِ الحكيم يعني: دَعوا السؤالَ عن وقت إرسائها، فإن كينونته لا بدَّ منه؛ بل سَلوا عن أحوالِ أنفسكم وكيف