ما يَشاءُ): «هو الوجه الحسن، والصوت الحسن، والشعر الحسن» وقيل: «الخط الحسن»؛ وعن قتادة: الملاحة في العينين؛ والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق؛ من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام في الأعضاء، وقوة في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأى، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم، وحسن تأت في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به الوصف.
[(ما يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)] ٢ [
استعير الفتح للإطلاق والإرسال. ألا ترى إلى قوله: (فَلا مُرْسِلَ لَهُ) مكان: لا فاتح له، يعنى: أى شيء يطلق الله من رحمة، أى: من نعمة؛ رزق أو مطر أو صحة أو أمن أو غير ذلك من صنوف نعمائه التي لا يحاط بعددها، وتنكير الرحمة للإشاعة والإبهام، كأنه قال: من أية رحمة كانت سماوية أو أرضية، فلا أحد يقدر على إمساكها وحبسها. وأىّ شيء يمسك الله فلا أحد يقدر على إطلاقه. فإن قلت: لم أنث الضمير أوّلا، ثم ذكره، وهو راجع في الحالين إلى الاسم المتضمن معنى الشرط؟ قلت: هما لغتان: الحمل على المعنى وعلى اللفظ، والمتكلم على الخيرة فيهما، فأنث على معنى الرحمة، وذكر على أن لفظ المرجوع إليه لا تأنيث فيه؛ ولأنّ الأوّل فسر بالرحمة، فحسن اتباع الضمير التفسير، ولم يفسر الثاني فترك على أصل التذكير. وقرئ: (فلا مرسل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (وحَصافةٍ في العقل)، النهاية: الحَصيف: المُحْكَمُ العقلِ، وإحصاف الأمر: إحكامُه.
قولُه: (وذَلاقةٍ في اللسان)، النهاية: ذَلَقُ كُلِّ شيء: حَدُّهُ. يقال: لِسانٌ ذَلْقٌ طَلْقٌ، أي: فَصيحٌ بَليغ.
قولُه: (ولَباقةٍ في التكلُّم)، الجوهري: اللَّبِقُ واللَّبيق: الرجلُ الحاذقُ الرفيقُ بما يعمَلُه، وقد لبِقَ -بالكسْرِ- لَباقة.


الصفحة التالية
Icon