من الكفران والغمط، وشكرها بمعرفة حقها والاعتراف بها وطاعة موليها. ومنه قول الرجل لمن أنعم عليه: اذكر أيادىّ عندك، يريد حفظها وشكرها والعمل على موجبها. والخطاب عام للجميع؛ لأنّ جميعهم مغمورون في نعمة الله. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: يريد: يا أهل مكة اذكروا نعمة الله عليكم؛ حيث أسكنكم حرمه، ومنعكم من جميع العالم، والناس يتخطفون من حولكم. وعنه: نعمة الله العافية وقرئ: (غير الله)؛ بالحركات الثلاث؛ فالجرّ والرفع على الوصف لفظًا ومحلًا، والنصب على الاستثناء. فإن قلت: ما محل (يَرْزُقُكُمْ)؟ قلت: يحتمل أن يكون له محل إذا أوقعته صفة لـ (خالق)، وأن لا يكون له محل إذا رفعت محل (من خالق)، بإضمار (يرزقكم)، وأوقعت (يرزقكم) تفسيرًا له، أو جعلته كلامًا مبتدأ بعد قوله: (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ الله)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النعمةِ بالقَلْب، بمَعْرفةِ المنعِم وباللسانِ بالاعترافِ بأنّها منه، وبالجوارحِ بالطاعةِ لمولاها أخذَهُ من قَوْلِ القائل:

أفادَتكم النعماءُ مني ثلاثة يَدي ولِساني والضَّميرَ المُحَجَّبا
قولُه: (وقُرِئَ: ﴿غَيْرُ اللهِ﴾)، بالحركاتِ الثلاث: حَمْزةُ والكِسائيُّ: بالجرِّ، والباقونَ: بالرفع. والنّصْبُ: شاذّ. وعن بَعْضِهم: الخبرُ وَصْفُ الخالقِ لفظًا والرفْعُ نعْتٌ له مَحَلاً، لأنّ ﴿خَالِقٍ﴾ مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ، و ((من)) زائدة، تقديره: هل مِن خالقٍ غيرِ الله الله أو للأشياء. وقيل: ﴿غَيْرُ اللهِ﴾ يجوزُ أن يكونَ مرفوعًا على فاعلِ ﴿خَالِقٍ﴾، أي: هل يخلقُ غيرُ الله شيئًا؟
قولُه: (أو جعَلْتَه كلامًا مبتدأً، بعد قولِه: ﴿مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾)، قيل: هذا الوجهُ ضَعيفٌ، لأنَّ مِثْلُ قولك: هل زيدٌ خرَج؟


الصفحة التالية
Icon