ولا يقبل قولًا ولا عملًا إلا بنيةٍ، ولا يقبل قولًا وعملًا ونيةً إلا بإصابة السنة». وعن ابن المقفع: قول بلا عمل كثريد بلا دسم، وسحاب بلا مطر، وقوس بلا وتر. وقرئ: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) على البناء للمفعول. و (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) على تسمية الفاعل، من: أصعد. والمصعد: هو الرجل، أى: يصعد إلى الله عز وجل الكلم الطيب، وإليه يصعد الكلام الطيب. وقرئ: (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)، بنصب العمل والرافع الكلم أو الله عز وعلا. فإن قلت: مكر: فعل غير متعدّ، لا يقال: مكر فلان عمله، فبم نصب (السَّيِّئاتِ)؟ قلت: هذه صفة للمصدر، أو لما في حكمه، كقوله: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)] فاطر: ٤٣ [، أصله والذين مكروا المكرات السيئات، أو أصناف المكر السيئات، وعنى بهن مكرات قريش حين اجتمعوا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (ولا يقبلُ قولاً وعملاً إلا بنية)، يُمكنُ أن يكونَ تعريضًا بأهلِ الرياء. قيلَ: إنّ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ﴾ فيهم.
نقلَ الإمامُ في ((تفسيره)) عن الأستاذِ أبي عليٍّ الدّقاق رحمَهُ الله أنه قال: علامةُ أنّ الحقّ -عزَّ اسمُه- رفعَ عمَلَك: أن لا يبقى عندَك، فإن بقِيَ عملُك في نظرِك فهو مدفوع، وإن لم يبق معك فهو مرفوع.
قولُه: (إلا بإصابة السنة)، وفيه مَسْحةٌ من معنى قوله تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١]، والإصابةُ هنا بمعنى المناولةِ ومتابعتها.
النهاية: ((يُصيبون ما أصابَ الناسُ))، أي: ينالون ما ناولوا. ومنه الحديث: ((يُصيبُ من بعضِ نسائِه وَهو صائم)) أراد التقبيل.
قولُه: (وقُرِئَ: ((إليه يُصعَد)))، كلّ هذه القراءات شواذّ، سوى ﴿يَصْعَدُ﴾ بفَتْحِ الياء.


الصفحة التالية
Icon