إلام أسند (كان) في (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى)؟ قلت: إلى المدعو المفهوم من قوله: (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ). فإن قلت: فلم ترك ذكر المدعو؟ قلت: ليعمّ ويشمل كل مدعوّ. فإن قلت: كيف استقام إضمار العام؟ ولا يصح أن يكون العام ذا قربى للمثقلة. قلت: هو من العموم الكائن على طريق البدل. فإن قلت: ما تقول فيمن قرأ: (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) على "كان" التامّة، كقوله: (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ)] البقرة: ٢٩٠ [؟ قلت: نظم الكلام أحسن ملاءمة للناقصة؛ لأنّ المعنى على أن المثقلة إن دعت أحدًا إلى حملها لا يحمل منه، وإن كان مدعوّها ذا قربى، وهو معنى صحيح ملتئم، ولو قلت: ولو وجد ذو قربى؛ لتفكك وخرج من اتساقه والتئامه، على أنّ هاهنا ما ساغ أن يستتر له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (إلامَ أسندَ) هذا السؤالُ والجوابُ مُستدركٌ لقوله آنفًا: ((وإن كانَ المدعوُّ بعْضَ قرابتِها)).
قولُه: (فلِمَ تُركَ ذكْرُ المَدْعوِّ؟ )، أي: مفعول ﴿تَدْعُ﴾ في قوله: ﴿وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ﴾.
قولُه: (ليعمَّ ويشمَلَ كلَّ مَدْعوٍّ) أي: ممن يصحُّ أن يُدعى نحو المعبودِ بالحق والجن والإنس، ومما لا يصحُّ أن يُدْعى مثل الأصنام وغيرِها، ولو قُدِّرَ شيءٌ من ذلك لاختصَّ به ولفاتَ العُمومُ المراد.
قولُه: (ولا يصحُّ أن يكونَ العامُّ ذا قربى)، يريد: أنَّ خبرَ ﴿كَانَ﴾: ﴿ذَا قُرْبَى﴾، فإذا جُعِلَ اسمُه أعمَّ منه لا يصحُّ حَمْلُه عليه. وخلاصةُ الجواب: أنَّ العامَّ على نوعَيْن: عامٌّ على وَجْهِ الشمول، وعامٌّ على وَجْهِ البدَل، والمرادُ هنا الثاني، فيكونُ المعنى: وإن تَدْعُ النفسُ المُثقَلةُ الناس: إمّا هذا وإما ذلك، لا يُحمَلُ منه شيءٌ وإن كان ذلك المَدْعوُّ ذا قُرْبى.
قولُه: (لتفكّكَ وخرج عن اتِّساقه)، لأنَّ الجملةَ الشرطيةَ كالتتميمِ والمبالغةِ في أنْ لا غِياثَ البتّةَ، ولو قُدِّرَ المَدْعوُّ ذا قربى.
روى مُحيي السُّنة: عن ابن عباس: يلقي الأبُ والأمُّ ابنَه فيقول: يا بُنيَّ احمِلْ عني


الصفحة التالية
Icon