المعاصي. وقرئ: (ومن ازكى فإنما يزكى)، وهو اعتراض مؤكد لخشيتهم وإقامتهم الصلاة؛ لأنهما من جملة التزكى. (وَإِلَى الله الْمَصِيرُ) وعد للمتزكين بالثواب. فإن قلت: كيف اتصل قوله: (إِنَّما تُنْذِرُ) بما قبله؟ قلت: لما غضب عليهم في قوله: (إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ) أتبعه الإنذار بيوم القيامة وذكر أهوالها، ثم قال: (إِنَّما تُنْذِر) كأن رسول الله ﷺ أسمعهم ذلك، فلم ينفع؛ فنزل (إِنَّما تُنْذِرُ)، أو أخبره الله تعالى بعلمه فيهم.
[(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ الله يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ)] ١٩ - ٢٣ [
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُذْهِبْكُمْ} وأتبعَه الإنذارَ بيومِ القيامة وأهوالِها التفتَ إلى حبيبِه صلواتُ الله عليه ناعيًا له تمرُّدَهم وعِنادَهم وأنَّ الوعْظَ لا يُنْجِعُ فيهم، لأنَّهم لا يخافونَ عقابَه لأنهم جُهّالٌ لا يتفكَّرون في العاقبة، وإنما يُنْجِعُ فيمن يُوقنُ أنَّه لا بدَّ من المصيرِ إلى الله فيَخْشى عِقابَه وإليه ينظر قولُه: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.
قولُه: (مِن قومك) أي: مِن جَملةِ قومِك ومن بينهم، قيل: ((مِنْ)) للتبعيضِ، وهو حالٌ إمّا من قولِه: ((هؤلاء)): أو مِن ((هُم)) في ((تحذيرِهم))، والوجْهُ أن يكونَ المشارُ إليه بقولِه: ((هؤلاءِ)): ﴿الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم﴾، و ((مِن قومِك)) بيانٌ لاسمِ الإشارة حالٌ منه.
وقلت: وإذا جُعِلَ ((مِنْ)) تبعيضًا، فالظاهرُ أنَّ ((مِنْ قومِك)) بدَلٌ مِنْ ((هؤلاء))، أي: إنّما تَقْدِرُ على إنذارِ بعضِ قومِك دونَ مُتمرِّديهم.
قولُه: (وقُرِئَ: ((ومَن ازّكَّى)))، أصلُه: تزّكى، أدغمَ التاءَ في الزاي، ثم أتى بهَمْزةِ الوصلِ، ثم أُسْقِطَتْ في الدَّرْج.


الصفحة التالية
Icon