والمؤمن العائذات الطّير
وإنما يفعل ذلك لزيادة التوكيد، حيث يدل على المعنى الواحد من طريقى الإظهار والإضمار جميعًا، ولا بد من تقدير حذف المضاف في قوله: (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) بمعنى: ومن الجبال ذو جدٍد بيض وحمر وسود، حتى يؤول إلى قولك: ومن الجبال مختلف ألوانه، كما قال: (ثمرات مختلفا ألوانها). (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُه)، يعنى: ومنهم بعض مختلف ألوانه. وقرئ: (ألوانها)، وقرأ الزهري: (جدد)، بالضم: جمع جديدة؛ وهي الجدّة، يقال: جديدة وجدد وجدائد، كسفينة وسفن وسفائن. وقد فسر بها قول أبى ذؤيب يصف حمار وحش:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (والمؤمِنِ العائذاتِ الطير)، تمامُه:
... يمسَحُها... رُكبانُ مكّةَ بين الغَيْل والسَّنَد
ما إن نَدِيتُ بشَيءٍ أنتَ تكرهُه | إذاً رفعَتْ سَوْطي إليَّ يدي |
قولُه: (ولابُدَّ مِن تقديرِ حَذْفِ المضاف)، يعني: حصلَتْ هاهنا قرائنُ ثلاث، والقرينتانِ هاهنا اتَّفقتا على معنى، فوجبَ تنزيل الفَذّةِ منها على معنى أختَيْها، وإلاّ لَزِمَ الاختلاف