جون السّراة له جدائد اربع
وروى عنه: (جدد)، بفتحتين؛ وهو الطريق الواضح المسفر، وضعه موضع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين أشياءَ انخرطَتْ في سِلْكٍ واحِدٍ، وإليه الإشارةُ بقَوْلِه: ((حتى يؤولَ إلى قولِك: ومن الجبالِ مختلفٌ ألوانه)) إلى آخره، وتحريرُه: أن التنكيرَ في قوله: ﴿ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا﴾ للنوع، والمعنى: فأخرَجْنا بالماءِ نوعًا من الثمراتِ مختلفًا ألوانُه، وكذلك قولُه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ﴾، فإنّ المعنى: منهم بَعْضٌ مختلفٌ ألوانُه، كما نَصَّ عليه، وهو قول الفرّاء قال: ﴿أَلْوَانُهُ﴾ على تأويلِ: خَلْقٍ مُختَلفٍ ألوانه.
وقال مُحيي السُّنة: ذكرَ الكِنايةَ لأنها رَدٌّ إلى ما في الإضمارِ، ومَجازُه: ومنَ الناسِ والدوابِّ والأنعامِ ما هو مختلفٌ ألوانه.
قولُه: (جَوْنُ السَّراةِ له جَدائدُ أربع)، أولُه:
والدَّهْرُ لا يَبْقَى على حَدَثانِه
الجَوْن: الأسود، والسَّراة: الظَّهْر، والجدائد: الأُتنُ اللاتي قد جَفّتْ ألبانهُنَّ؛ مِن جَدِّ اللَّبَن أي: قَطْع، أي: أهْلكَ الدهر بَنِيّ، وتوترَتْ عليَّ المصائب، ثمّ عزّى نَفْسَه بأنَّ الدهرَ لا يَبْقى على حَدَثانِه شيءٌ، حتى الحمارِ مع الأُتْنِ التي ترعى في القِفار.
قالَ ابن جِنِّي: ((جَدَدٌ)) بفَتْح الجيمِ والدالِ في روايةِ سهلٍ عن الوقّاصيِّ عن الزُّهري.
قال قُطْرب: قراءةُ الزُّهري: ((جُدُد)) بضَمِّهما، أما ((جُدُدٌ)) فجَمْعُ جَديدٍ، أي: آثارٌ جُدُدٌ غيرُ مُخْلقةٍ فهو أوضَحُ للونِها، وأما ((جَدَدٌ)): فهو الطريقُ الواضحُ المُسْفِرُ فالمعنى نَحْوُ الأول.


الصفحة التالية
Icon