عنده (أُجُورَهُمْ)؛ وهي ما استحقوه من الثواب، (وَيَزِيدَهُمْ) من التفضل على المستحق.
وإن شئت جعلت (يَرْجُونَ) في موضع الحال على: وأنفقوا راجين ليوفيهم، أى: فعلوا جميع ذلك؛ من التلاوة وإقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله لهذا الغرض. وخبر (إن) قوله: (إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) على معنى: غفور لهم شكور لأعمالهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتفسيرِ فيكونُ كنايَة، لأن ﴿لَّن تَبُورَ﴾ لازمُ انتفاءِ الكساد وهو لازمُ كونِها نافقة، كأنه قيل: يرجونَ تجارةً نافقةً عند الله مُرْبحةً ليُوفِّيَهم الله أجورَهم، ثم هذه الكناية ترشيحٌ للإستعارة.
قولُه: (وإن شئتَ جَعلْتَ ﴿يَرْجُونَ﴾ في موضعِ الحال)، فعلى هذا ((ليوفِّيهم الله أجورَهم)) يتعلَّقُ بالتلاوةِ وأقاموا الصلاةَ والإنفاق، ولهذا قال: ((فعلوا جميعَ ذلك.... لهذا الغرض))، وهو التوفيه، وإنما عَلَّق المصنِّفُ ﴿يَرْجُونَ﴾ بقولِه: ﴿وَأَنفَقُوا﴾ دون ﴿يَتْلُونَ﴾ و ﴿وَأَقَامُوْ﴾، لئلا تجتمعَ على معمولٍ واحد عواملُ، ولأنَّ ما يتعقَّبُ الجُمَلَ من القيدِ يختَصُّ بالأخيرِ على مذهبِ أبي حنيفةَ رضيَ الله عنه.
ويمكنُ أن يُعلَّقَ بمحذوفٍ على معنى: فَعلوا جميعَ ذلك راجينَ لهذا الغرض، وهو الظاهر. قال أبو البقاء: ﴿يَرْجُونَ﴾ خبرُ ﴿إِنَّ﴾، ﴿لِيُوَفِّيَهُمْ﴾ يتعلَّق بـ ﴿يَرْجُونَ﴾، وهي لامُ الصيرورة.
وقلت: تأويلُه: أنّ غرضَهم فيما فعلوا لم يكن سوى تجارةٍ غيرِ كاسدة، لأنّ صلةَ الموصولِ هنا علّةٌ وإيذانٌ بتحقيقِ الخبر، ولمّا أدّى ذلك إلى أن وفّاهم الله أجورَهم أتى باللام، وإنما لم يذهَبْ إليه المصنِّف؛ لأن هذه اللام لا توجَدُ إلا في يترتَّبُ الثاني على الأول، ولا يكونُ مطلوبًا به كقولِه تعالى: ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ [القصص: ٨].


الصفحة التالية
Icon