ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليه مصيرُهم في قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ﴾، فلو جعلَ بعضَ أولئك من أهل النارِ لبطلَ التقابُل ولناقضَ تفسيرَ رسول الله ﷺ على ما رواه الترمذيُّ عن أبي سعيدٍ أن النبيَّ ﷺ قال في هذه الآية: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ قال: ((هؤلاءِ كلّهم بمنزلة واحدةٍ وكلُّهم في الجنة)).
وثانيها: أنَّ قولَهم: ﴿إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ﴾ لا يلتئمُ بما قبْلَه إذا جُعِلَ الشكورُ مقولاً للسابقِ بالخيراتِ والغفورٌ للظالمِ والمُقْتصِد، والعجَبُ أنه كيفَ بادرَ إلى لفظِ الشكورِ وقال: دلَّ الشكورُ على أنّ القومَ كثيروا الحسناتِ وتقاعَدَ عن لفظِ الغَفور في أنه دلَّ على أنّ القومَ كثيرو السيئات، وعن قولِ ابن عباس: ((غفَرَ العظائمَ من ذنوبِهم، وشكرَ اليسيرَ من محاسنِ أعمالِهم))!
وما روى الإمام أحمد عن أبي الدرداءِ عن رسولِ الله ﷺ بعد ما ذكرَ تفسيرَ الفريقَيْن قال: ((وأما الذينَ ظلموا أنفُسَهم فأولئك الذي يُحْبَسون في طولِ المَحْشَر، ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته، فهم الذين يقولون: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾، وفي ((المعالم)): نحوه.
وثالثها: وهل يليقُ ويَستقيمُ أن يمدحَ الله قومًا في أولِ كلامِه بقوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾ - وقد قال المصنِّف: ((وهم أمَّةٌ من الصحابةِ والتابعينَ ومَنْ بعدَهم إلى يومِ القيامة، لأنّ الله تعالى اصطفاهُم على سائرِ الأُمم وجعلَهم أمةً وسطًا شُهداءَ على الناسِ واختَصَّهم بكرامةِ الانتماءِ إلى أفضَلِ رُسِل الله وحَمْلِ الكتابِ الذي هو أفضَلُ كُتبِ الله، ثم قَسَّمهم إلى ظالمٍ لنفسه)) إلى آخرِ ما قال فيهم- ثم يرجعُ إلى آخرِ كلامِه ويجعلُ أكثَرهم من الذين يُخَلَّدون في النار؟ ! قال صاحبُ ((الانتصاف)): قد صُدِّرَتِ القصّةُ


الصفحة التالية
Icon