وأهدر عملها، كما في قول القائل:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى؟
قلت: كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده، فأما اجتماعهما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنما كان بسبب الحفظ، فحاله عند الحفظ أن لا يسمع فيصير موصوفًا حالة الحفظ بذلك، ومثله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ﴾ [النحل: ١٢] فالعامل في "مسخرات" -وهي حال- قوله: "سخر"، فالحال التي سخرها ملازمة لكونها مسخرة، وقد أشار الزمخشري في هذه الآية إلى ما يقرب من هذا، لكنه ذكر معه تأويلًا آخر كالمستبعد لهذا الوجه، فجعله جمع "مسخر" كممزق، وجعل معناه أنواعًا من التسخير.
ومن هذا النمط: ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا﴾ [المؤمنون: ٤٤] وليسوا رسلًا إلا بعد الإرسال.
وأما الإنكار اجتماع حذفين؛ فقد ساغ في قوله: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦] أي: لئلا تضلوا.
قوله: (ألا أيهذا الزجراي أحضر الوغى)، وتمامه:
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
"أحضر" محمول على حذف "أن" لدلالة عطف "أن أشهد" عليه، فلو لم تقدر حتى تكون بتقدير المصدر لزم عطف المفرد على الجملة، وهو غير مستقيم.