دانه: ساسه، ومنه الحديث: "العاقل من دان نفسه".
﴿قَالَ﴾ يعني ذلك القائل: ﴿هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ﴾ إلى النار لأريكم ذلك القرين. قيل: إن في الجنة كوى ينظر أهلها منها إلى النار. وقيل: القائل هو الله عز وجل. وقيل: بعض الملائكة يقول لأهل الجنة: هل تحبون أن تطلعوا فتعلموا أين منزلتكم من منزلة أهل النار؟ وقرئ: ﴿مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ﴾، و (فأطَّلَعَ) بالتشديد، على لفظ الماضي والمضارع المنصوب؛ و (مطلعون فأطلع)، و (فأُطلع) بالتخفيف على لفظ الماضي والمضارع المنصوب، يقال: طلع علينا فلان، واطَّلع وأطلع بمعنى واحد، والمعنى: هل أنتم مطلعون إلى القرين فأطلع أنا أيضًا؟ أو عرض عليهم الاطلاع فاعترضوه، فاطلع هو بعد ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومنه الحديث: "العاقل من دان نفسه") والحديث من رواية الترمذي عن شداد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنة على الله المغفرة".
دان نفسه: حاسبها في الدنيا قبل أن تحاسب يوم القيامة.
قوله: (يعني ذلك القائل) وهو المذكور في قوله: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ أي: قرين في الدنيا ينكر الحشر، ﴿هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ﴾ لأريكم ذلك القرين؟ وقال الواحدي ومحي السنة: قال المؤمن لإخوانه في الجنة: هل أنتم مطلعون إلى النار لتنظروا كيف منزلة أخي؟ فقال أهل الجنة: إنك أعرف به منا فاطلع أنت، فاطلع فرأى أخاه في وسط الجحيم.
قوله: (والمعنى) أي: على أن "اطلع" و"أطلع" بمعنى واحد، فقوله: "هل أنتم مطلعون إلى القرين فأطلع أنا أيضًا"، هذا على أن يكون "أطلع" مضارعًا جوابًا للاستفهام، نحو قوله: ﴿فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا﴾ [الأعراف: ٥٣].
قوله: (أو عرض عليهم الاطلاع فاعترضوه)، هذا على أن يكون "اطلع" ماضيًا


الصفحة التالية
Icon