وقرئ: (ثم إن منقلبهم)، (ثم غن مصيرهم)، (ثم إن منفذهم) إلى الجحيم؛ علل استحقاقهم للوقوع في تلك الشدائد كلها بتقليد الآباء في الدين، واتباعهم إياهم على الضلال، وترك اتباع الدليل. والإهراع: الإسراع الشديد، كأنهم يحثون حثًا. وقيل: إسراع فيه شبيه بالرعدة.
[﴿ولَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ * ولَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِم مُّنذِرِينَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُنذَرِينَ * إلاَّ عِبَادَ اللَّهِ المُخْلَصِينَ﴾ ٧١ - ٧٤]
﴿ولَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ﴾: قبل قومك قريش. ﴿مُّنذِرِينَ﴾: أنبياء حذروهم العواقب. ﴿المُنذَرِينَ﴾: الذين أنذروا وحذروا، أي: أهلكوا جميعًا ﴿إلاَّ عِبَادَ اللَّهِ﴾: الذين ىمنوا منهم واخلصوا الله دينهم، أو أخلصهم الله لدينه على القراءتين.
[﴿ولَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ المُجِيبُونَ (٧٥) ونَجَّيْنَاهُ وأَهْلَهُ مِنَ الكَرْبِ العَظِيمِ (٧٦) وجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ البَاقِينَ (٧٧) وتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (٧٨) سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي العَالَمِينَ (٧٩) إنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ (٨٠) إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ (٨١) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِين﴾ ٧٥ - ٨٢].
لما ذكر إرسال المنذرين في الأمم الخالية وسوء عاقبة المنذَرين، أتبع ذلك ذكر نوح ودعائه إياه حين أيس من قومه، واللام الداخلة على "نعم" جواب قسم محذوف، والمخصوص بالمدح محذوف، تقديره: فوالله لنعم المجيبون نحن. والجمع دليل العظمة والكبرياء. والمعنى: إنا أجبناه أحسن الإجابة، وأوصلها إلى مراده وبغيته؛ من نصرته على أعدائه والانتقام منهم بألغ ما يكون. ﴿هُمُ البَاقِينَ﴾: هم الذين بقوا وحدهم وقد فني غيرهم، فقد روي: أنه مات كل من كان معه في السفينة غير ولده. أو: هم الذين بقوا متناسلين إلى يوم القيامة. قال قتادة: الناس كلهم من ذرية نوح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هم الذين بقوا وحدهم) هذا الاختصاص يعطيه ضمير الفصل.


الصفحة التالية
Icon