وكان لنوح عليه السلام ثلاثة اولاد: سام، وحام، ويافث، فسامٌ أبو العرب، وفارس، والروم، وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب، ويافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج ﴿وتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ﴾ من الأمم هذه الكلمة؛ وهي: ﴿سَلامٌ عَلَى نُوحٍ﴾ يعني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿وتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ﴾ من الأمم هذه الكلمة) يريد أن "تركنا" واقع على قوله: ﴿سَلامٌ عَلَى نُوحٍ﴾ وهو مفعول به. كانه قيل: تركنا على نوح قولنا: سلام على نوح في كل أحد من العالمين، كما يقال: السلام على زيد في جميع الأمكنة وفي جميع الأزمنة، واللعنة على إبليس في المشرق والمغرب، فقوله: ﴿فِي العَالَمِينَ﴾ متعلق بالجار والمجرور.
قال صاحب "الكشف": ﴿سَلاَمٌ﴾ مبتدأ، والجار بعده في موضع الخبر، والجملة في موضع المفعول لـ ﴿وَتَرَكْنَا﴾ ولو أعمل "تركنا" فيه لقيل: "سلامًا" ويجوز أن يكون التقدير: وتركنا عليه في الآخرين الثناء الحسن، فحذف مفعول "تركنا"، ثم ابتدأ وقال: "سلام". ويجوز أن يكون التقدير: وتركنا عليه في الاخرين الثناء الحسن وقلنا: سلام.
وقال محيي السنة: "تركنا عليه"، أي: أبقينا له ثناء حسنًا وذكرًا جميلًا فيمن بعده إلى يوم القيامة. وقلت: هذا يحتمل وجهين:
أحدهما: ان يكون المفعول ﴿سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي العَالَمِينَ﴾ من حيث المعنى، كما قال الزجاج أي: تركنا عليه الذكر الجميل، وذلك الذكر قوله: ﴿سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي العَالَمِينَ﴾ أي: تركنا عليه في الآخرين أن يسلم عليه إلى يوم القيامة.
وثانيهما: المفعول محذوف، وهو الثناء كما سبق، فعلى هذا: يبقى "تركنا" مطلقًا غير


الصفحة التالية
Icon