[﴿نَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ﴾ ٨٨ - ٩٠].
﴿فِي النُّجُومِ﴾: في علم النجوم، أو: في كتابها، أو في أحكامها، وعن بعض الملوك: أنه سئل عن مشتهاه، فقال: حبيب أنظر إليه، ومحتاج أنظر له، وكتاب أنظر فيه. كان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: الإنكار والتجهيل راجع إلى ظنهم بري العالمين، إما باعتبار الوصف أو الحقيقة، أما الوصف فعلى وجهين:
أحدهما: معنى التربية وهو تبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئاَ؛ لأن الممكن كما هو مفتقر إلى المحدث حال حدوثه مفتقر إلى المبقي حال بقائه، وهذا معنى الإنعام الذي يجب أن يشكر عليه مسديه ولا يصد عن عبادة موليه، وهو المراد من قوله: ﴿فَمَا ظَنُّكُم﴾ بمن هو حقيق بالعبادة؛ لأن من كان ربًا للعالمين استحق عليهم أن يعبدوه.
وثانيهما: معنى المالكية وهو مستلزم لمعتى القهر والقدرة التامة، وإليه الإشارة بقوله: ﴿فَمَا ظَنُّكُم﴾ ماذا يفعل بكم؟ وكيف يعاقبكم؟
وأما الحقيقة فهو المعن بقوله: ﴿فَمَا ظَنُّكُم﴾ أي شيء هو من الأشياء؟ قال في "الشعراء" في قوله: ﴿وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٢٣]: أي: أي شيء هو على الإطلاق؟ تفتيشًا عن حقيقته الخاصة ما هي؟ أي: إنما يصح جعل الأصنام ندًا له إذا عرفت المماثلة، فما لم يعرفوا حقيقته كيف يجعلون الأصنام ندًا له؟
الراغب: المثل أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند يقال لما يشارك الجوهر فقط، والشبه فيما يشارك في الكيفية فقط، والمساوي فيما يشارك في الكمية فقط، والشكل فيما يشارك في القدر والمساحة، والمثل عام في جميع ذلك.
قوله: (حبيب أنظر إليه، ومحتاج أنظر له، وكتاب أنظر فيه) ومنه قول القائل: هل من كتاب أو أخ أو فتى أنظر فيه أو له أو إليه؟