بعد بطلانه بحجج العقل والكتاب: أن معنى الآية يأباه إباء جليًا، وينبؤ عنه نبوًا ظاهرًا؛ وذلك أن الله عز وجل قد احتج عليهم بأن العابد والمعبود جميعًا خلق الله، فكيف يعبد المخلوق المخلوق؟ ! على أن العابد منهما هو الذي عمل صورة المعبود وشكله، ولولاه لما قدر أن يصور نفسه ويشكلها، ولو قلت: والله خلقكم وخلق عملكم؛ لم تكن محتجًا عليهم، ولا كان لكلامك طباق. وشيء آخر؛ وهو أن قوله: ﴿وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ ترجمة عن قوله: ﴿مَا تَنْحِتُونَ﴾، و ﴿مَا﴾ في ﴿مَا تَنْحِتُونَ﴾ موصولة لا مقال فيها، فلا يعدل بها عن أختها إلا متعسف متعصب لمذهبه، من غير نظر في علم البيان، ولا تبصر لنظم القرآن.
فإن قلت: أجعلها موصولة حتى لا يلزمني ما ألزمت، وأريد: وما تعملونه من أعمالكم.
قلت: بل الإلزامان في عنقك لا يفكهما إلا الإذعان للحق؛ وذلك أنك وإن جعلتها موصولة، فإنك في إرادتك بها العمل غير محتج على المشركين،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "المطابقة تنفك على رأي أهل السنة" لا يصح، فإنا نحمل الأولى على المصدر وهم في الحقيقة عبدوا نحتهم؛ لأنها قبل النحت لم تعبد، فالمطابقة والإلزام على هذا أبلغ، ولو كان كما قال لقامت الحجة لهم ولكافحوا وقالوا: ما خلق الله ما نعمل؛ لأنا عملنا الشكل والصورة، ولله الحجة البالغة.
قوله: (بل الإلزامان)، أي: بطلانه بحجج العقل ومطابقة المقام، في عنق المجبرة.