روحي في شدة نزلت به قط. ويدل عليه: أن الله تعالى لما أتم قصة الذبيح قال: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا﴾ [الصافات: ١١٢].
وعن محمد بن كعب: أنه قال لعمر بن عبد العزيز: هو إسماعيل، فقال عمر: إن هذا شيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت، ثم أرسل إلى يهودي قد أسلم فسأله، فقال: إن اليهود لتعلم أنه إسماعيل، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب. ويدل عليه: أن قرني الكبش كانا منوطين في الكعبة في أيدي بني إسماعيل إلى أن احترق البيت.
وعن الأصمعي قال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح، فقال: يا أصميعي، هو أين عزب عنك عقلك؟ ! ومتى كان إسحاق بمكة؟ ! وإنما كان إسماعيل بمكة، وهو الذي بنى البيت مع أبيه، والمنحر بمكة. ومما يدل عليه: أن الله تعالى وصفه بالصبر دون أخيه إسحاق في قوله: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٥]، وهو من صبره على الذبح، ووصفه بصدق الوعد في قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ [مريم: ٥٤]؛ لأنه وعد أباه من نفسه الصبر على الذبح فوفى به؛ ولأن الله بشره بإسحاق وولده يعقوب في قوله ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾ [هود: ٧١]، فلو كان الذبيح إسحاق لكان خلفًا للموعد في يعقوب. وعن علي بن أبي طالب وابن مسعود والعباس وعطاء وعكرمة وجماعة من التابعين: أنه إسحاق.
والحجة فيه: أن الله تعالى أخبر عن خليله إبراهيم حين هاجر إلى الشام بأنه استوهبه ولدًا، ثم أتبع ذلك البشارة بغلام حليم، ثم ذكر رؤياه بذبح ذلك الغلام المبشر به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والحجة فيه أن الله تعالى أخبره عن خليله إبراهيم حين هاجر إلى الشام بأنه استوهبه ولدا) إلى آخره، قلت: هذه الحجة ضعيفة؛ لأنه تعالى لما حكى عن خليله إبراهيم عليه السلام ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ وعقبه بقوله: ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ بالفاء، وكذلك قصة الرؤيا والذبح، وذيل القصة بقوله: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُؤْمِنِينَ﴾ كما ذيل القصص المذكورة في هذه السورة الكريمة بمثله،


الصفحة التالية
Icon