ويدل عليه كتاب يعقوب إلى يوسف: من يعقوب إسرائيل الله بن اسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله.
فإن قلت: قد أوحي إلى إبراهيم صوات الله عليه في المنام بأن يذبح ولده ولم يذبح، وقيل له: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾، وإنما كان يصدقها لو صح منه الذبح، ولم يصح!.
قلت: قد بذل وسعه وفعل ما يفعل الذابح: من بطحه على شقه، وإمرار الشفرة على حلقه، ولكن الله سبحانه جاء بما منع الشفرة أن تمضي فيه، وهذا لا يقدح في فعل إبراهيم عليه السلام، ألا ترى أنه لا يسمى عاصيًا ولا مفرطًا، بل يسمى مطيعًا ومجتهدًا، كما لو مضت فيه الشفرة وفرت الأوداج وأنهرت الدم، وليس هذا من ورود النسخ على المأمور به قبل الفعل،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابتدأ بحديث إسحاق وبشارته وما يتعلق به، وقال ﴿بَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ والظاهر أن هذه البشارة غير البشارة الأولى والمبشر به غير الأول، وسيجيء تقريره بعيد هذا.
قوله: (وفرت الأوداج): الجوهري: فريت الشيء أفريه فريًا: قطعته لإصلاحه. والودج والوداج: عرق في العنق، وهما ودجان.
قوله: (وليس هذا من ورود النسخ على المأمور به قبل الفعل) يعني: لما بذل إبراهيم عليه السلام وسعه وفعل ما يفعله الذابح من بطحه على شقه، وأمر الشفرة على حلقه لم يكن هذا من ورود النسخ قبل الفعل في شيء كما يسبق إلى بعض الإفهام، يعني: ورود النسخ قبل الفعل جائز، لكن هذه الآية ليست من المسألة في شيء، يدل عليه قوله في قصة البقرة: "يجوز النسخ قبل الفعل، ولا يجوز قبل وقت الفعل"، يعني: أن إبراهيم عليه السلام