ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى بالمأمور به لأنه باشر الفعل بقدر الإمكان وبذل المجهود ولم يكن منه تقصير، ولو لم يمنع مانه لتم الذبح المأمور به، ولهذا قال تعالى ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾.
وعن بعضهم: الذبح هو الاعتماد، وقد وجد ذلك، لكن الانذباح لم يوجد، كما تقول: هديته فلم يهتد، أو هديته فاهتدي، وكسرته فانكسر، أو كسرته فلم ينكسر. هذا على خلاف ما ذكره المصنف في ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢].
قال الإمام: وليس كذلك لأن معنى ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ أنه قد اعترف بكون الرؤيا واجب العمل، لا أنه بكل ما رآه في المنام، ولو كانت المباشرة كافية في كل ما أمر به لما احتاج إلى الفداء، وحيث احتاج علمنا أنه م يكن آتيا في المباشرة بكل ما أمر به، هذا هو السؤال الذي أورده المصنف، فإذا كان ما أتى به إبراهيم من البطح إلى آخره، وأجاب عنه بقوله: "قد علم بمنع الله أن حقيقة الذبح لم تحصل" يعني: نحن إن قلنا: إنه امتثل الأمر وخرج عن عهده المأمور به، لكن حقيقته لم تحصل فوهب الكبش ليقيم ذبحه مقاوم تلك الحقيقة. وفائدته إيجاد المأمور به بكل ما يدخل تحت الإمكان.
وقال ابن الحاجب: أما دفعهم أنه ذبح فكان يلتحم عقبيه، أو يجعل عنقه صفيحة فلا يسمع ويكون نسخا قبل التمكن. يعنى: هذا النقل مما ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ﷺ فلا يسمع، وإن سمع يكون نسخا قبل التمكن من الفعل. قال الإمام: هذه مسألة شريفة من مسائل باب النسخ، واختلف الناس في أنه هل يجوز نسخ الحكم قبل حضور مدة الامتثال؟ قال أكثر أصحابنا: إنه يجوز.
وقالت المعتزلة وكثير من فقهائنا والحنفية: إنه لا يجوز. وقالت المعتزلة: إنه تعالى لو أمر شخصا بإيقاع فعل معين في وقت معين دل على حسن ذلك الفعل في ذلك الوقت، ثم إذا نهى عنه في ذلك الوقت دل على قبحه، وهذا مبني على تحسين الفعل وتقبيحه بحسب