ولا قبل أو أن الفعل في شيء، كما يسبق إلى بعض الأوهام حتى يشغل بالكلام فيه، فإن قلت: الله تعالى هو المفتدى منه؛ لأنه الآمر بالذبح، فكيف يكون فاديًا حتى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العقل وهو باطل، ولئن سلم فإن العقل قد يكون حسنًا باعتبار وقبيحًا باعتبار، فإن السيد إذا أمر عبده شيئًا في زمان مخصوص وينهاه بعينه فيه يكون غرضه من الأمر والنهي مجرد اختبار العبد في الانقياد والطاعة.
وقال البزدوي: شرط النسخ التمكن من عقد القلب، فأما التمكن من الفعل فليس بشرط عندنا، وقالت المعتزلة: إنه شرط. وحاصل الأمر: أن حكم النسخ بيان المدة لعمل القلب والبدن جميعًا، أو لعمل القلب بانفراده، وعمل القلب هو المحكم عندنا في هذا والآخر من الزوائد، لنا: أن النبي ﷺ أمر بخمسين صلاة ثم نسخ ما زاد على الخمس وكان ذلك بعد العقد، ولأن النسخ صحيح إجماعًا بعد وجود جزء من الفعل أو مدة تصلح للتمكن من جزء منه، وإن كان ظاهر الأمر يحتمل كله؛ لأن الأدنى يصلح مقصودًا بالابتلاء وكذلك عقد القلب على حسن المأمور وعلى حقيقته.
قوله: (الله تعالى هو المفتدى منه)، الجوهري: افتدى منه بكذا أو فادى بكذا.
وقال المصنف في المقدمة: افتدى منه بكذا اشترى منه نفسه بشيء. وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٣٦].
وهو يروى بفتح الدال وكسرها، وعلى الفتح ليس في "المفتدى" ضمير؛ لأنه مسند إلى الجار والمجرور، والضمير المجرور عائد إلى اللام، وعلى الكسر فيه ضمير راجع