ويراد وقت صلاة الفجر؛ لانتهائه بالشرق. و ﴿يُسَبِّحْنَ﴾: في معنى مسبحات على الحال. فإن قلت: هل من فرق بين يسبحن ومسبحات؟ قلت: نعم، وما اختير ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ على مسبحات إلا لذلك؛ وهو الدلالة على حدوث التسبيح من الجبال شيئًا بعد شيء وحالًا بعد حال، وكأن السامع محاضر تلك الحال يسمعها تسبح. ومثله قول الأعشى:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لانتهائه بالشروق)، أي: إنما سمي صلاة الفجر باعتبار ما يؤول إليه. وقوله: "ويراد وقت صلاة الفجر"، متصل بقوله: "إذا دخلوا في الشرق"، وما بينهما اعتراض.
قوله: (وهو الدلالة على حدوث التسبيح من الجبال شيئًا بعد شيء)، قال صاحب" الانتصاف": قال سحنون: إذا قال: "أنا محرم يوم كذا" بصيغة اسم الفاعل يكون محرمًا عند وجود التعليق، ولا كذلك بصيغة المضارع، إذا قال: "أنا أحرم يوم كذا" لا يكون محرمًا حتى يجدد الإحرام. واختلف المتأخرون من أصحابنا في معنى قول سحنون في اسم الفاعل: يكون محرمًا يوم يفعل، فمنهم من قال: أراد القول فينشئ إحرامًا، ومنهم من قال: يكون محرمًا بالعليق الأول. ومالك سوى بين اسم الفاعل والفعل.
ولما كان حشر الطير دفعة واحدةً أدل على القدرة لم يكن لاستعمال الفعل وجه.
قال صاحب" الإنصاف": تأمل ما قاله صاحب الانتصاف فليس فيه إلا نقل فرع على مذهب مالك لا يمس بالآية، ثم اختار أن مذهب مالك يخالف ما جاء من بديع الآية، فليت شعري أراد الرد على فصاحة الآية أو رد على إمامه الذي يقلده فيما يفتي به؟ !
وقلت- والله أعلم-: فرق بين مسألة الإحرام وبين ما في التنزيل؛ لأن ما في التنزيل معدول عن الظاهر؛ لأن قوله: ﴿إنَّا سَخَّرْنَا الجِبَالَ مَعَهُ﴾. إخبار عما مضى، فالمطابق مسبحات و ﴿مَحْشُورَةً﴾، ولهذا قال: ﴿يُسَبِّحْنَ﴾ في معنى: "مسبحات" وإنما عدل في


الصفحة التالية
Icon