عادته أن يكثر ذكر الله ويديم تسبيحه وتقديسه. وقيل: الضمير لله، أي: كل من داود والجبال والطير لله أواب، أي: مسبح مرجع للتسبيح. ﴿وشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾: قويناه، قال تعالى: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ﴾ [القصص: ٣٥]، وقرئ: (شددنا) على المبالغة. قيل: كان يبيت حول محرابه أربعون ألف مستلئم يحرسونه. وقيل: الذي شد الله به ملكه وقذف في قلوب قومه الهيبة: أن رجلًا ادعى عنده على آخر بقرةً، وعجز عن إقامة البينة، فأوحي إليه في المنام: أن اقتل المدعى عليه، فقال: هذا منام، فأعيد الوحي في اليقظة، فأعلم الرجل، فقال: إن الله عز وجل لم يأخذني بهذا الذنب، ولكن بأني قتلت أبا هذا غيلةً، فقتله، فقال الناس: إن أذنب أحد ذنبًا أظهره الله عليه فقتله؛ فهابوه. ﴿الْحِكْمَةَ﴾: الزبور وعلم الشرائع. وقيل: كل كلام وافق الحق فهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الترجيع في التسبيح من"الأوب": الرجوع، أو عن كثرة التسبيح؛ لأن الأواب أي: التواب من عادته أن يكثر التسبيح، ولو ترك على ظاهره لم يعلم ذلك، ولو قيل: كل له كالأواب أي: التواب على التشبيه لم يفهم منه المقصود صريحًا.
قوله: (مستلئم): أي: دارع، و"اللأم": جمع"لأمة"، وهس: الدرع، واستلأم: إذا لبس لأمته.
قوله: (أن رجلًا ادعى عنده)، خبر"الذي شدد الله به ملكه".
وقوله: "أظهره الله عليه"، جواب للشرط، و"فقتله" من تتمة الجواب، والفاء في"فهابوه" نتيجة الكلام، أي: الذي شدد الله به ملكه وقذف في قلوب قومه الهيبة هذه القضية، فلذلك هابوه، وإليه ينظر قول المتنبي:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
قوله: (غيلة)، الغيلة: الاسم من الاغتيال.
الجوهري: الغلية هو: أن يخدع صاحبه فيذهب به إلى موضع، فإذا صار إليه قتله


الصفحة التالية
Icon